شرح فصول أبقراط
تصانيف
البحث الأول
في صلة هذا الفصل بما قبله وهو أنه قد علمت أن مقدار المادة لا بد من مراعاتها في الاستفراغ وهو أنه * قد علم (2066) إن كان كثيرا فالواجب أن يبالغ في الاستفراغ، وإن كان قليلا فالواجب * أن يكون (2067) الاستفراغ دون ذلك ثم أن هذا الحكم يختلف باختلاف الأسنان * والأمزجة (2068) والسخنات وبالجملة لأمور أخر احتاج أن تذكر لنا ضابطا يعرف مقدار المادة المستفرغة وهو احتمال القوة.
البحث الثاني
في ذكر ما يدل على ذلك، وهو من وجهين. أحدهما نوع المادة فإنا متى رأيناها قد تغيرت من نوع إلى نوع لم نقصد استفراغه فقد حصل النقاء. مثاله متى كان قصدنا استفراغ الصفراء ثم انتهى الحال إلى خروج البلغم فقد حصل النقاء من الصفراء. * وهذا (2069) معنى قوله ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو المستفرغ. وأما معرفة نوع المادة المستفرغة فقد * ذكرناها (2070) فيما تقدم. وثانيهما استقلال المستفرغ بالإسهال فإنه متى كان المستفرغ من الخلط المؤذي بالمقدار الذي يجب أععقبه خفة وراحة واستظهار في القوة، ومتى لم يكن كذلك لم يعقبه شيء من ذلك. وهذا هو معنى قوله والمريض محتمل له بسهولة وخفة. فهذا هو حد المقدار الاستفراغ سواء أكان الاستفراغ من جهة الطبيعة أو من جهة الصناعة.
البحث الثالث:
قوله وحيث ينبغي فليكن الاستفرراغ حتى يعرض الغشي، معناه متى حصل الأمران المذكوران فليستغنم الاستفراغ ويبالغ فيه حتى يعرض الغشي. وليس غرضه * بذكر الغشي (2071) هاهنا على أنه حد الاستفراغ بل على طريق المتبالغة والتأكيد فالحبث على ترك الاستفراغ بحاله وإبقاءه على ما هو عليه. ولو كان غرضه به أن يجعله * حد الاستفراغ (2072) كما ذكره الفاضل جالينوس لا شك بأمر وهو أنه ينقى البدن من الشيء الذي يجب أن يستفرغ والغشي لم يحصل، فإن استديم الاستفراغ بعد الفراغ ممأ يجب استفراغه إلى أن يصل الغشي ىلف؟ البدن، وإن لم يستديم فقد حصل النقاء ولم يحصل الغشي.
البحث الرابع
قال جالينوس الغشي الكائن من الاستقصاء في الاستفراغ قد ينفع من * وجه آخر (2073) فإن الغشي قد يكون لمرار ينصب إلى فم المعدة وقد يكون لجبن المريض وخوفه كما يعتري بعض الناس عند الفصد وكما يعرض لبعض المحمومين عند قيامهم وانتصابهم. قال: ومثل * هذه (2074) الأنواع لا ينتفع بها. وأما النوع الثاني فينتفع به في تبديل المزاج على المكان فإن استفراغ الدم بالفصد إلى أن يعرض الغشي في الحمى المفرطة الحرارة تجذب للبدن بردا وتطفئ الحمى PageVW5P054A . وهذا الكلام بعيد عن الحق فإن الغشي معناه انحلال القوة الحيوانية ومتى انحلت هذه القوة إلى حين يحصل من انحلالها برد في البدن كيف صار ينتفع به. وذلك مما يضعف القوة التي هي دافعة لمادة الحمى ولكل ما يؤذي البدن.
البحث الخامس
قوله: وإنما ينبغي أن يفعل ذلك متى كان المريض محتملا له، فهم قوم أن الضمير في * له (2075) عائد إلى الاستفراغ، وهو خطأ. فإن الاستفراغ متى كان من النوع الذي يجب خروجه كان * المستفرغ (2076) محتملا له. بل الحق أن الضمير عائد إلى الغشي، أي يجب أن يبالغ في الاستفراغ متى كان على ما ذكرنا إلى أن يحصل الغشي * فيمن (2077) كان محتملا للغشي لأن بعض الناس ليس له احتمال للغشي إما لأنه جبان وإما لأن معدته قوية الحس ينصب إليها خلط حاد يوجب ذلك * وإما (2078) لأمر لآخر وقد ذكرناه.
صفحة غير معروفة