شرح فصول أبقراط
تصانيف
8
البحث السادس
(633) : قوله * فإذا (634) لم يكن كذلك تارة يفهم منه النفي لقوله حادا جدا، وتارة يفهم منه نفي الحدة مطلقا. وليس بين المفهومين خلاف فيما يعود إلى تحصيل معنى التدبير فيما ليس بحاد جدا، فإن التدبير يكون أغلظ * مما (635) يستعمل فيه. فلذلك قال: * «فينبغي (636) أن يكون الانحطاط على حسب لين المرض ونقصانه عن الغاية القصوى» أي أن المرض كلما كان أحد، كانت الحاجة إلى الغذاء أقل لما ذكرنا إذا لم يحصل هناك مانع وهو ما ذكرنا. وكلما كان أقل حدة، كانت الحاجة إلى PageVW5P016A الغذاء أكثر، غير أنه لقائل أن يقول قوله ونقصانه عن الغاية القصوى إنما يحسن إذا كان المرض الذي فرض أن هذا المرض ألين منه هو المرض الحاد في الغاية القصوى. لكن ذلك هو الحاد جدا عاى ما ذكره. وعل هذا كان ينبغي * له (637) أن يقول فينبغي أن يكون الانحطاط على حسب لين المرض ونقصانه عن الحاد جدا. قلنا الجواب عن هذا * هو (638) أن معنى * هذا (639) أن المرض إذا لم يكن حادا جدا بل ألين منه، فينبغي أن يكون الانحطاط عن تدبير الحاد جدا على حسب الانحطاط في تدبير الحاد جدا عن تدبير المرض الذي في الغاية القصوى فذكر * هذا (640) على سبيل المثال والمقايسة . فإن عاد المعترض وقال هذا الحكم في التدبير مخالف لتدبيرنا الآن للأمراض، وذلك لأنا الآن نستعمل في مبادئ الأمراض تلطيف الغذاء كماء الشعير بل ربما اقتصرنا في بعض الأوقات على الشراب * وعلى (641) الجلاب * وترك (642) ماء الشعير ثم * نستعمل (643) عند المنتهى أمزاق الفراريج وشيئا من لحومها. قلنا الجواب عن هذا أن حكم الإمام أبقراط في الأمراض الحادة والمزمنة بهذا الحكم هو بالنظر إلى طبيعتها أي قصر زمانها وطوله. وتدبير أطباء زماننا إنما هو لغرض آخر. وذلك إما لنفور المريض عن استعمال الغذاء الغليظ في وقت الابتداء، وإما لتقدم تخم وامتلاء * البدن (644) . * يرجو (645) الأطباء زوالها وعطف الطبيعة على إنضاج مادتها بترك الغذاء وتلطيفه؛ وإما لأن المرض دموي أو بلغمي يرجون اغتذاء الأعضاء بمادتهما عند ترك الغذاء أو تقليله. * ويترتب (646) لهمعلى ذلك نقصان المادة وخفتها.
البحث السابع
(647) * في (648) قوله «وإذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير * الذي (649) في الغاية القصوى من اللطافة». أقول استعمال التدبير المذكور ليس هو مختصا * هاهنا (650) بمنتهى الأمراض PageVW1P053B الحادة * مطلقا (651) فقط بل وبمنتهى المزمنة، وإنما اختص هذا الوقت بهذا التدبير. قال جالينوس: «لعظم الأعراض في هذا الوقت ولكيما ينضج المرض. وذلك * لأنه (652) لا ينبغي أن تشتغل الطبيعة عن إنضاج الأخلاط المولدة للمرض إذا كانت في ذلك الوقت مكبة عليها بقوتها كلها أو قد بقي لها اليسير حتى تستكمل الغلبة عليها. فيجب أن لا تشتغل بإنضاج غذاء جديد * نوردها (653) عليها». ونزيد نحن في تقرير ذلك ونقول: إن وقت المنتهى هو الوقت الذي يكون فيه نهاية اشتداد * الحالة المرضية (654) ومصارعة الطبيعة * لها (655) لأنه وقت الملحمة والقتال. فإذا حصل للطبيعة شاغل عن ذلك، صرعها المرض وقوي عليها. هذا * إن (656) اشتغلت به اشتغالا تاما. * وإن (657) لم يشتغل به ذلك الاشتغال انفسد * الوارد (658) ، وزاد في * مادة (659) المرض وصار معينا على القوة لا لها. فلذلك يجب ضرورة أن * تلطف (660) التدبير في وقت المنتهى. وهذا الحكم من الإمام أبقراط بالنظر إلى طبيعة المنتهى. وإلا فمتى حصل لنا أمر يعيقنا عن ذلك التدبير وهو ضعف القوة * وخفنا (661) خورانها، فإنا في مثل هذه الصورة نستعمل إمراق الفراريج لا ترك الغذاء. واعلم أيضا أن هذا الحكم يختلف باختلاف الأمراض في حدتها وزمانها. فإن منتهى الأمراض المزمنة لا يجب أن نبالغ في تلطيف ما يستعمل * فيها (662) كما نبالغ فيه عند استعماله في الأمراض الحادة. فإذن القول الصحيح المتضمن لتدبير المنتهى بحسب الأمراض هو أن يقال: وإذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن * يستعمل (663) تلطيف التدبير عما كان عليه قليل قبل المنتهى بمقتضى القوة وطبيعة المرض.
البحث الثامن
(664) لقائل أن يقول * لم (665) اقتصر أبقراط على تدبير هذا الوقت دون غيره من الأوقات الأخر؟ نقول: وذلك PageVW5P016B لفرط خطر هذا الوقت على * باقي (666) الأوقات الأخر لأنه وقت الملحمة والقتال. وأيضا فإن بحسبه تقدر الغذاء في لطافته وغلظه. وأيضا فإن في آخره يتوقع البحران الجيد. ولما كان حاله كذلك، خصصه بالذكر. أو نقول إن أبقراط لم * يحل (667) بذكر تدبير غيره من الأوقات الأخر في ضمن هذا الفصل. وذلك * أن (668) تعيينه بلطيف التدبير في هذا الوقت يفهم منه تغليظه في باقي الأوقات * وبالإضافة (669) إليه سواء كان المرض حادا أو غير حادأ. أما * فيما (670) قبل المنتهى، فلاستبقاء القوة. وأما بعد المنتهى * أي (671) في الانحطاط فلاسترجاعها. وهذا الجواب عندي أشد من الأول.
البحث التاسع
(672) في ذكر بحث شريف متعلق بالأوات الأربعة * ساقنا (673) إليه هذا الجواب وهو أنه يجب أن يعلم أنه ليس لكل الأمراض أوقات أربعة. بل لنصفها باعتبار ولربعها وثمنها باعتبار آخر. وتقرير ذلك هو أن الأطباء حدوا الأوقات الأربعة بالنضج على * ما (674) * أوضحناه (675) في شرحنا * لكليات (676) القانون. والأمراض على قسمين ساذجة ومادية. فالسادجة لا ينتظر فيها النضج لخلوها عن المواد. والمادية إن اعتبرنا * فيها (677) النضج للإسهال وهو أن يقول حدا لابتدالة كذا وكذا ويظهر فيه النضج للإسهال، كانت الأمراض الدموية خارجة عن هذا الحكم لأن موادها لا تستفرغ بالإسهال. فعلى هذا الحكم يكون * ربع (678) الأمراض وثمنها * لها (679) أوقات أربعة * وهي (680) الأمراض البلغمية والصفراوية والسوداوية وإن لم يذكر الإسهال ، كانت الدموية داخلة في هذا الحكم. فيكون لنصف الأمراض أوقات أربعة وهذا موضع شريف ينبغي ضبطه فإنه غريب.
9
صفحة غير معروفة