شرح فصول أبقراط
تصانيف
البحث الأول
في صلة هذا الفصل بما قبله. * وهو أنه (607) لما تكلم في الفصول المتقدمة في التغذية بحسب الأمراض الحادة والمزمنة، أراد أن يعرفنا الأمر الذي يعرف ذلك منه. وذلك مأخوذ من شيئين، أحدهما مدة المرض والآخر قوة المريض. أما الأمر الأول فهو الآن يتكلم فيه. وأما الثاني ففي الفضل الذي يلي هذا.
البحث الثاني:
قال ابن أبي صادق: «مراده بالحاد جدا الذي هو في الغاية القصوى من الحدة لأنه أمر أن * يقابل (608) بالتدبير * الذي (609) في الغاية القصوى من اللطافة». والحق عندي أن معنى هذا الكلام على غير هذه الصورة وهو أن تدبير الحاد جدا * إنما (610) هو أغلظ من ذلك وأن مراده بالوقت الذي يستعمل فيه التدبير * الذي (611) في الغاية القصوى وقت ظهور الأوجاع التي في الغاية القصوى وهو وقت المنتهى. ولا شك * أن (612) مثل هذا الوقت يستعمل فيه هذا التدبير لوجهين. أحدهما خوفا من اشتغال القوة عن مقاومة المرض. وثانيهما أنه إذا كان استعمال ذلك في المرض الحاد من حيث هو حاد واجبا، فبالأولى أن يكون استعمال ذلك التدبير في منتهاه * واجبا (613) قصدا للتخفيف عن القوة عند نهاية PageVW5P015B اشتداد الأعراض. وهذه الأمراض لما كان منتهاها يأتي في الأيام، الأول منها كان استعمال التدبير المذكور في ابتدائها * واجبا. (614)
البحث الثالث:
مراده بالأوجاع الأعراض على ما ذكره جالينوس. لكن يجب أن تعلم أن الأعراض على نوعين. منها ما هي مقومة للمرض، أي لوجوده بمعنى أنه يستحيل وجوده بدونها كالأعراض الخمسة في ذات الجنب التي هي النبض المنشاري والحمى اللازمة والوجع الناخس وضيق النفس والسعال؛ والتي هي غير مقومة منها ما له وقت معلوم. ومنها ما ليس له ذلك. والأول مثل إعلام البحران. والثاني على قسمين. منها ما هي مناسبة للمرض بمعنى أن طبيعة المرض يوجبها مثل الصداع والعطش في الحمى الصفراوية. والغير مناسبة مثل الغشي واختلاط الذهن في الحمى المذكورة. فإن طبيعة المرض من حيث هي غير موجبة لها. فالحاصل أن مراده هاهنا بالأعراض المقومة للمرض لأن مثل هذه تشتد في المنتهى (615) .
البحث الرابع
(616) : قوله «التي في الغاية القصوى يأتي فيه بديا». مراده بالوقت * الذي (617) تكون الأوجاع فيه في الغاية القصوى المنتهى. ولا شك أن منتهى الأمراض المذكورة يأتي فيها بديا. قال جالينوس: «بديا أي أنها تكون في الأيام الأول من المرض من قبل أن فيها منتهاه». وهذه العبارة فيها * إيهام (618) * بشيء (619) فاسد وهو أن المنتهى يأتي في الأيام الأول من المرض وهو لا يأتي إلا في الأيام الأخيرة منه. وذلك لأنه يكون بعد وقتين من أوقاته وهما الابتداء والتزيد وبعده الانحطاط والمرض. وإن قصرت مدته، فلا بد * له (620) من الأوقات الأربعة إذا كان سليما وينفضي في الرابع * منها (621) . وذلك لأن الرابع إذا وقع فيه البحران، كان * نهاية (622) المنتهى * فيه (623) ولا * شك أن ذلك (624) في اليوم الأخير من أيام المرض لا من أيامه الأول. وإذا كان كذلك، فلا ينبغي أن يقال لذلك المنتهى إنه يأتي في الأيام الأول. بل الذي يقال إن منتهى المرض يكون فيه شدة الأعراض. وذلك يأتي في مثل هذه الأمراض في أقصر مدة من مدد الأمراض المادية أعني في اليوم الرابع وما قبله لا في الأيام الأول من أيامه. وإنما استعمل أبقراك هذه العبارة أي بديا بمعنى أن المنتهى * فيها يأتي (625) مزاجها للابتداء وقريبا منه لا معه. وذلك لقصر زمان التزيد في مثل هذه الأمراض الحادة جدا وضيق وقته. فلا يبعد فيه المنتهى عن * الابتداء (626) لهجومها دفعة. ولذلك كان أطول أوقات هذه وقت المنتهى وبعده الابتداء وأقصرها التزيد وبعده الانحطاط.
البحث الخامس
(627) بدؤ المرض تارة يراد به الزمان الذي * ظهر (628) فيه المرض ولم يظهر بعد * اشتداده (629) ، وتارة يراد به أول ساعة حصول * فيها (630) المرض وهو وقت * ظهور (631) ضرر الفعل؛ وتارة يراد به الأيام الثلاثة الأول. * وهذا (632) هو المعنى بقوله بديا لاستحالة عروض أعراض المنتهى في الابتداء بالتفسيرين الأولين.
صفحة غير معروفة