شرح فصول أبقراط
تصانيف
(1584) فيما يجب أن يراعى بعد استعمال * الدواء (1585) المسهل. وهو أمور منها: أن يتجنب الاغتسال بالماء البارد خوفا من حصر الحرارة في الباطن فيقهر الدواء ويبطل فعله. ومنها التعرق خوفا من جذب المادة وميلها إلى ظاهر البدن ومقاومة المسهل في فعله. ومنها الغضب فإنه يجذب المواد إلى ظاهر البدن أيضا، * وذلك (1586) مما يعاند فعل الدواء. ومنها شم الأراييح الطيبة فإنها تقوى * القوى (1587) وذلك مما يضعف * فعل (1588) الدواء. ومنها استعمال المطبوخ بعد الحب قبل علمه إن دعت الحاجة إلى جمعهما فإنه يحدر الحب ويخرجه عن البدن. ومنها أن يجتنب النوم بعد عمل الدواء وقبل عمله إن كان مطبوخا. وأما إن كان حبا فلا بأس بنومة يسيرة. ومنها أن يتقيأ صاحبه عند قطعه ونهاية عمله مرات بماء حار ليغسل المعدة مما تعلق بخملها، وتشبث * به (1589) ، هذا * إن (1590) لم يكن * بشارب (1591) PageVW1P060A الدواء ألم في العين. ومنها أن يستعمل بعد ذلك شيء من المفرحات لتقوي الأحشاء ويدفع نكاية سمية الأدوية المسهلة. ومنها أن يكون غذاؤه في يومه محمضا بما يقوي الأحشاء كماء الحصرم وحب الرمان والسماق لا بما فيه جرد كما اليمون والخل. ومنها أن يدخل شارب الدواء ثاني يوم * المسهل (1592) الحمام ليحلل ما عجز الدواء عن جذبه. فإن الدواء مغطم جذبه إما في باطن البدن * وإما ما (1593) قرب من الجلد. فإنه يعجز عن جذبه والحمام لا شك أنه يجذب ذلك ويخرجه بالتعريق. قال أبو سهل المسيحي في الكتاب الخامس والعشرين من كتابه: لا يسقى في يوم واحد دوآن سواء * أن (1594) كان الأول قد عمل أو لم يعمل. * فعند (1595) اجتماع * قوة الدوائين (1596) يفرط الإسهال ويخاف على البدن التلف، وكثيرا ما * يجذب (1597) الدواء عند ذلك فضلات كثيرة لا تسعها المجاري التي تنفذ فيها ولا تقوي القوة الدافعة على دفعها فتورث * سددا (1598) أو دوارا.
البحث الثاني (1599) عشر:
المسهل في بعض الأوقات * يصير (1600) مقيئا وذلك * من (1601) صور أربع: أحدها عند كون المعدة ضعيفة فإنها تقبل ما يمر من المادة في النزول إلى جهة المعاء. وثانيها عندما يكون في المعاء أثفال متحجرة فإنما تحبس المادة المنجذبة بالدواء وعند ذلك تتجه نحو المعدة وتوجب القيء. وثالثها عندما يكون الدواء كريه الرائحة بشع الطعم فإنه عند ذلك تنفر المعدة منه * وتقدفه (1602) لا سيما متى لم يكن لشاربه عادة باستعمال المسهل. ورابعها أن يكون مستعمل الدواء كثير الاعتياد للقيء قليل * الاعتياد للإسهال (1603) .
البحث الثالث (1604) عشر:
الدواء المقيئ يشابه المسهل من وجه ويخالفه من وجهين. أما وجه المشابهة فمن جهة نفص PageVW5P105A المادة وإخراجها * عن البدن (1605) . وأما * وجها المخالفة (1606) فأحدهما من جهة استفراغهما فإن المقيئ يستفرغ من الأعالي والمسهل من ألأسافل. وثانيهما من جهة قوة الفعل * وهو أن (1607) المقيئ أقوى قوة من المسهل. وذلك من * ثلاثة وجوه (1608) . أحدها أنه يجذب الفصل من أقاصي البدن بقوة شديدة. وثانيها أنه يجذب الخلط * اللزج (1609) من أسافل البدن إلى * أعاليه (1610) فلو لم يكن قويا * جدا (1611) * لما قدر (1612) على جذب * مثل (1613) هذه إلى خلاف * طبيعتها (1614) وميلها. وثالثها لو لم يكن قويا جدا وإلا كيف صار يقهر دافعة المعدة والمعاء للمادة إلى أسفل ويجذبها إلى أعالي المعدة ثم أنها * تختلف في القوة والضعف والتوسط بين ذلك. وقد ذكرنا مراتتها (1615) في كتابنا المسمى بجامع الغرض.
البحث الرابع (1616) عشر
في بيان الحاجة إلى القيء. الغذاء عند صير ورته كيلوسا وانحداره عن المعدة يلطخ * شيء منه بخمل المعدة (1617) لا سيما * أرطبه وألزجه (1618) ويتخلف عن الخروج، ومثل هذا إذا اجتمع في المعدة أحال بين * الهاضم (1619) * والمهضوم (1620) وقد علم ما يترتب على ذلك من المضار. وربما أنه يضعف القوة الماسكة وعند ذلك يخرج الغذاء بحاله لأن الهضم موقوف على فعل الهاضمة والماسكة والمعاء. وإن * كان (1621) يحصل فيها شيء من ذلك غير * أنه (1622) يأتيها فضل صفراوي متوفر المقدار يغسلها * ويحدر (1623) ما يلتصق بها والمعدة وإن * كان (1624) يأتيها شيء من * ذلك (1625) لكنه نزر جدا لا يفي بغسلها. ومع ذلك فهو يأتي * إلى (1626) أسفلها ولو أتاها كما يأتي المعاء لكانت دائما في غثيان وتهوع ونفور من الغذاء. وحينئذ لم يستقر فيها ولم يحصل * هضم (1627) * واغتذاء (1628) فهي أذن محتاجة إلى إخراج الفضلة المذكورة لئلا يحصل منها ما ذكرناه، وذلك بالقيء. فالقيء إذن * يحتاج (1629) إليه في خفظ الصحة إذا استعمل بالشروط التي سنذكرها.
البحث الخامس (1630) عشر
في تقسيم القيء. القيء على نوعين: ضروري واختياري. فالضروري هو الذي يستعمل متى دعت الحاجة إليه غير أن مستعمله إن لم يكن له به عادة فالواجب أن يستعمل منه أولا الضعيف ثم القوي وكذلك إن استعمله مع دواء مقيئ. فالواجب أن يستعمل أولا الضعيف من ذلك ثم القوي مع توق وحذر. وفي مثل هذا الوقت استعمال القيء على امتلاء المعدة خير منه على خلوها. وذلك لأن في الامتلاء يلاصق الغذاء المعدة ويجرد ما هو ملتصق بخملها ويخرجه، غير أن الأطباء مختلفون في نفس الامتلاء. وذهب محمد بن زكريا الرازي وصاحب الكامل وأبو سهل المسيحي إلى أنه يجب أن يكون من أغذية رديئة مختلفة. أما الأول فلئلا تشح المعدة وتطن به. وأما الثاني فليكن فيها ما يقطع ويلطف ويحلل ويغثي. وكل هذا مما يعين على القيء وعلى إخراج ما في تجويفها وملتصق بخملها. وذهب الشيخ الرئيس إلى أنه ينبغي أن يكون من أغذية جيدة * صالحة (1631) الكيموس. قال: وذلك لأن المتقيئ لم يمكنه أن يخرج كل ما في معدته من الغذاء المستعمل لأجل القيء. فإذا كان الغذاء رديئا لا بد وأن يبقى منه في المعدة شيء فيحدث عنه خلط رديء فلا يفي نفع القيء بالضرر الحاصل PageVW5P105B من الغذاء المتبقى في المعدة. * أما (1632) إذا كان الغذاء المستعمل جيدا صالح الكيموس لم يحصل شيء مما ذكرنا. ولا شك أن هذا الكلام مناقض للأول والذي * يمكنني (1633) أن أقوله في هذا الموضع أن كلام الشيخ يحمل على من كان * صحيح (1634) البدن أو غير معتاد القيء. فإن مثل هذا الشخص إذا استعمل أغذية ردئية ربما يبقي منها شيء في معدته ويحصل ما ذكره أما إذا استعمل غذاء صالحا لم يحصل شيء من ذلك. وكلام * أولئك (1635) محمول على من كان ممتلئ البدن معتاد القيء. فإن مثل هذا الشخص محتاج إلى ما ينقي معدته مما فيها ويعينها على قذفه وإخراجه لاعتياده للقيء فلا يبقى منه شيء في المعدة. فهذا ما * يمكنني أن (1636) أقوله في هذا الموضع. وأما الاختياري فيراعى فيه الوقت الحاضر * ومقدار (1637) استعماله وهيئة بدن * المتقيئ (1638) . أما الوقت فالواجب أن يكون في الأوقات الحارة لوجهين: أحدها لمؤاتاة آلآت التنفس للانبساط والامتداد في حركة القيء. وثانيهما لسيلان الأخلاط وميعانها وطلبها للأعالي. ولا شك أن إخراج المادة من الجهة التي هي إليها أميل أسهل مما ضاد ذلك. فخروجها بالقيء PageVW1P060B أسهل. وأما في الأوقات الباردة فإن المواد * فيها (1639) خامدة هابطة إلى الأسافل فخروجها بإسهال أسهل. ومع ذلك لا ينبغي أن يواظب استعماله في وقت واحد فيصير عادة تطلبها الطبيعة في ذلك الوقت بل أجود استعماله في الشهر الواحد مرتين يومين متواليين غير متعينين على ما ذكره أبقراط في أبيذيميا ليخرج في الثاني مافات خروجه في الأول. وأما في الشراب فيراعى استعماله أمور أربعة. أحدها أن يكون كثير المقدار لثلاثة أوجه. أحدها أن * القليل (1640) تشح المعدة به. الثاني أنها ربما هضمته وغيرته. الثالث أن دفع الكثير * أمثل (1641) وأسهل من دفع القليل. وثانيها أن يكون مخلف الأقداح مثل أن يشرب تارة بقدح صغير وتارة بقدح كبير ليسد نفور المعدة منه لاختلاف مقداره. وثالثها أن بعضها يكون كبير الماء وبعضها قليله ليوجب ذلك أيضا نفورها منه. ورابعها أن يستعمال القيء عند الفراغ من الشراب لئلا يجتذب وينفذ ما يحده فيها من المواد المؤذية إلى جهة الأعضاء. وهذا القدر أيضا يجب أن يراعى في الضروري. ويجب أن يعصب * العينين (1642) عند القيء وترفد برفادة ناعمة مبلولة بماء فيه عطرية وقبض كعحرق الورد. فإذا حصل الفراغ منه تحل * العصائب (1643) ويغسل الفم بماء ورد وخل خمر إن كان مزاج المتقيئ حارا * أو المواد (1644) الخارجة حارة، أو بماء وعسل إن كان باردا أو المواد الخارجة باردة. وأما مقداره فالواجب أن يستقصي إلى أن لا يبقى في المعدة منه شيء. و يعرف هذا من وجهين أحدهما من جهة الجشاء والثاني من جهة خفة المعدة وثقلها. وينبغي أن تكون هيئة المتقيئ عند القيء كهيئة المنتصب. ثم بعد فراغه من ذلك واستعماله المضمضة * يعطى (1645) بعض الملطفات * كشراب (1646) اللمون أو السكنجبين، ثم * يترك (1647) غذاؤه إلى ست ساعات. وأما هيئة بدنه فمن كان PageVW5P106A نحيف البدن متخلخل البنية مجنح الأكتاف عاري الصدر من اللحم بارز الحنجرة فالواجب أن يتجنبه. فإن مثل هذا متى استعمله أوقعه ذلك في السل. فالقيء متى استعمل على ما * ذكرنا (1648) حفظ * الصحة (1649) * وجود (1650) الهضم وخصب البدن وجذب المواد من الأسافل وهو في أمراض هذه الأعضاء أجود من الإسهال وبالعكس.
البحث السادس (1651) عشر:
صفحة غير معروفة