[commentary]
قال عبد اللطيف: هذه القضية أكثرية، لا دائمة، وإنما يصح امتحان ذلك واعتباره إذا كان التدبير في سن الشباب والشيخوخة تدبيرا واحدا بعينه، فإن اختلف (97) بأن كان تدبيره في شبابه بما يقبض كالزعرور والعدس والشراب القابض، وفي شيخوخته بما يلين كتدبير أهل الإسكندرية بأن يقدم في صدر طعامه السمك والكراث ويشرب على طعامه الفقاع، أو كان (98) الأمر بالعكس لم يكن الامتحان صحيحا ولا موثوقا (99) به. وعلة هذه القضية أن البطن إنما يميل إلى اللين إذا قل ما ينفذ من الغذاء إلى الكبد، ويميل إلى اليبس إذا نفذ إلى الكبد PageVW0P030B جميع ما في الغذاء من الرطوبة. وإنما يقل PageVW2P033B نفوذ رطوبة الغذاء من المعدة إلى الكبد إما لكثرة مقداره عن حاجة الكبد PageVW3P036B أو عن قوتها، وإما لسرعة انحدار الغذاء وخروجه فيفوت الكبد جذب ما يحتاج إليه منه. وسرعة انحدار الغذاء قد تكون من قبل كثرة (100) المرار المنصب إلى المعا فيهيج إلى دفعه، وقد يكون من قبل ضعف القوة الماسكة في المعدة والمعا وتقوى فيها الدافعة. ثم إن شهوة الغذاء تكون أكثر إذا كان فم المعدة أبرد. والكبد تجتذب PageVW1P027B أقل إذا كان بردها أكثر، وإنما تضعف القوة الماسكة من المعدة إذا كثرت رطوبتها. وإنما تقوى القوة الدافعة ليبسها، فمن كان في شبيبته لين البطن من قبل برد فم معدته فإن شهوته للغذاء تكثر ويتناول منه مقدارا كثيرا، فهذا إذا شاح تفاقم برد معدته فقلت لذلك شهوته وقل غذاؤه بالقياس إلى حاجة الكبد فجذبت رطوبة الغذاء (101) باستقصاء فجف برازه. وكذلك من كان لين بطنه في شبابه بسبب انصباب المرار الأصفر إلى أمعائه فإن حاله عند الشيخوخة ينتقل إلى الضد (102) لقلة تولد المرار الأصفر في المشايخ. فأما من لان بطنه في شبابه من قبل ضعف القوة الماسكة فليس ينتقل عند الشيخوخة إلى الضد ضرورة وذلك بحسب مقدار الحرارة التي مع الرطوبة، فإن كانت إلى البرد أميل فعند الشيخوخة يفرط بردها ويستمر ضعفها، وكل مزاج مفرط يضعف الأفعال ويبطلها، فإن كانت المعدة إلى الحر أميل فإنها عند الشيخوخة تقوى وتبقى على قوتها زمانا طويلا. فأما من كان بطنه في شبابه أميل إلى اليبس، فإنه عند الشيخوخة يميل إلى اللين لأضداد الأسباب المذكورة. فمن كان يبس بطنه لقوة الحرارة فإنه عند الشيخوخة ينقص فيتبعه لين البطن. ومن كانت قوة معدته الماسكة شديدة لميل مزاجه (103) PageVW2P034A إلى اليبس، فإنه إذا شاح ضعفت بإفراط اليبس فيلين برازه. فأما من جف برازه لقلة المرار المنصب (104) إلى معدته وأمعائه، فإذا شاخ أمكن أن يلين بطنه لإفراط (105) البرد على كبده، ويمكن أن يبقى على تلك الحال إن لم يفرط البرد. والأولى أن يقال: "فإنه إذا شاخ يلين بطنه"، أو يسقط "إنه" ويقال: "فإذا شاخ لان بطنه" لأن خبر إن يقبح (106) أن يكون ماضيا.
[فصل رقم 46]
[aphorism]
قال أبقراط: شرب الشراب يشفي الجوع.
[commentary]
قال عبد اللطيف : PageVW0P031A يعني بالشراب الخمر، ويعني PageVW3P037A منه ما كان مائلا إلى الحرارة والغلظ، قليل الرقة والعفوصة، ويعني بالجوع الشهوة الدائمة التي لا تفتر والمسماة بالشهوة الكلبية، فشرب هذا الشراب يشفي هذا (107) الجوع لا الجوع الكائن عن الصوم الطويل أو عن اختلاف كثير، أو عن غيره من الاستفراغات، فإن من كان جوعه (108) من أحد هذه الاستفراغات فإن الشراب يضره فضلا عن أن يناله من شربه منفعة، فإن شربه هؤلاء قبل طعامهم لم يؤمن أن يعرض لهم التشنج واختلاط الذهن سريعا. فأما الجوع الكلبي فشفاؤه شرب الشراب لا الإكثار (109) من الطعام. وصفة تدبيره أن يطعم أولا غذاء دسما عديم العفوصة والقبض، ثم يسقى بعده شرابا أحمر ناصعا أو قانيا ليس فيه قبض ويمسك عن الماء؛ فإن جوعه يسكن في الحال، فإن ألح (110) عليه بهذا التدبير زمانا طويلا أقلع PageVW1P028A أصلا، والعلة في ذلك أن هذه العلة إما من برد مزاج مفرط، وإما من كيموس حامض يشربه جرم المعدة. والشراب الذي وصفنا يشفي الأمرين جميعا. وقد ظن قوم أن أبقراط عني الجوع الكائن عن سقوط القوة من البرد العارض من خارج وأوله يكون جوعا (111) ثم يبطل.
[فصل رقم 47]
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأمراض يحدث عن الامتلاء، فشفاؤه يكون بالاستفراغ. * وما كان منها يحدث عن الاستفراغ، فشفاؤه يكون بالامتلاء (112) وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة. PageVW2P034B
صفحة غير معروفة