[commentary]
قال عبد اللطيف: أما ما يغذو سريعا فهو ما يتشبه بالمعتذي في زمن قصير ويكون ذلك في طبعه، ويمتحن في الصحيح الذي لا يذم PageVW0P029B من صحته شيئا. وقوله: دفعة أي لا يستحيل إلى المغتذي قليلا قليلا وأولا أولا بل دفعة وفي زمان قصير وعلى جهة التلاحق، فإن كان في الغذاء حدة تهيج البدن إلى دفعه كان نفوذه وخروجه سريعا، وإن كان فيه لزوجة يحتبس بها كان نفوذه بطيئا. وأبلغ الأشياء كلها في أن يغذو سريعا دفعة، النبيذ؛ وأكثرها إبطاء في الهضم، لحم البقر والأصداف والبيض المسلوق جدا والعدس والنمكسود. ويدل على أن الغذاء الوارد البدن قد غذاه، عظيم (88) النبض وشدته ونهوض قوة البدن، فإن من انحلت قوته باستفراغ أو بتعب أو صوم ثم تناول غذاء سريع الإغذاء، أعاد النبض والقوة وخرج (89) عن البدن بسرعة ، وإن لم يكن PageVW3P035B سريع الإغذاء كان الأمر على الضد. وقوله: فخروجه أيضا يكون سريعا. يفهم منه معنيان: أحدهما خروجه عن البطن بالبراز. والآخر خروجه عن البدن كله بالتحلل، PageVW2P032B فكل ما يغذو سريعا فإنه يتحلل عن البدن سريعا. وليس كل ما يغذو سريعا يخرج عن البطن سريعا، فأما الأشربة والأنبذة فإنها تغذو سريعا وتتحلل سريعا وتخرج عن البطن سريعا، ولاسيما ما كان منها رقيقا فإنه خاص بالإدرار وقد قال في كتاب الغذاء ما يشهد أنه يريد بالخروج التحلل، قال: "إن ما كان من الغذاء بطيء الاستحالة فهو بطيء التحلل، وما كان منه سريع الاستحالة فهو سريع التحلل" لكن لفظة الخروج أكثر ما تستعمل على ما يخرج بالبراز. وقوله: "سريعا" نصب على أنه صفة مصدر محذوف، أي إغذاء سريعا. وقوله: "دفعة" نصب على الظرف، أي في دفعة، ومعناه في مرة واحدة.
[فصل رقم 44]
[aphorism]
قال أبقراط: إن التقدم بالقضية في الأمراض الحادة، بالموت كانت أو بالبرء، ليست تكون على غاية الثقة، لا على الموت ولا على الصحة.
[commentary]
قال عبد اللطيف: القضية بمعنى القضاء، والأمراض الحادة هي التي حركتها قوية ويأتي بحرانها سريعا، وبالموت خبر كانت واسمها مضمر فيها وهو ضمير القضية. وبالبرء عطف عليه بأو، و"أو" هذه للتخيير، لأنه لابد من وقوع أحدهما لا بعينه، و"ليست تكون" هي خبر إن، وتأنيث ليست للقضية وكان الواجب أن يذكر لأنه خبر عن التقدم، لكن لما كانت القضية هي المقصودة وهي متعلقة بالتقدم ومتصلة به كان حكمها حكمه فأنث على المعنى لأن التقدم بالقضية قضية، وفي لسان العرب مثل ذلك كثير، PageVW0P 30A منه قولهم: سقطت بعض أصابعه وتهدمت سور المدينة، ونحو ذلك؛ PageVW1P027A لأن المضاف يسري (90) إليه حكم المضاف إليه، والمضاف إليه يسري (91) إليه حكم المضاف، ولاسيما إذا كان بعضه، ومتصلا (92) به. وقوله: "على غاية الثقة" خبر تكون، وفي بعض النسخ هذا آخر الفصل، وفي بعضها يوصل به قولنا: "لا على الموت ولا على الصحة" فيعيد (93) PageVW3P036A القول على جهة التأكيد. واعلم أن الأمراض الحادة PageVW2P033A صنفان: أحدهما ما كان من كيموس حاد ليس بمتحيز ولا مستقر في موضع واحد في البدن لكنه في الأعضاء كلها بالسواء. والثاني: أن يكون متحيزا كما في ذات الجنب وذات الرئة. والحمى في المرض الحاد (94) تكون مطبقة دائمة على الأمر الأكثر لأن بعض الأمراض الحادة ليس معه حمى كالفالج والسكتة. وأما الأمراض المزمنة المتطاولة فتكون من كيموس غليظ لزج بارد لا ينضج سريعا. فأبقراط يتقدم بالقضية في الأمراض المزمنة على غاية الثقة، وليس هو في جميع الأمراض الحادة من الثقة على تلك الحال، لكنه قد أقر بأنه يمكن أن يقع في بعضها خطأ كأنه ليس يصح الحكم على الأمراض الحادة في جميع الحالات بل قد يخطئ الطبيب الحاذق في الندرة وصوابه أكثر، وإنما يعرض له الخطأ لسرعة (95) تغير المرض عن كيموس حاد، ولأن الكيموس ربما سال من عضو إلى آخر بغتة فوقع ما لم يكن في حسبان الطبيب (96). والمرض الحاد سريع الانقضاء، عظيم؛ فإن حمى يوم سريعة الانقضاء لا عظيمة، والفالج عظيم لا سريع الانقضاء.
[فصل رقم 45]
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بطنه في شبابه لينا، فإنه إذا شاخ يبس بطنه. ومن كان في شبابه يابس البطن، فإنه إذا شاخ لان بطنه.
صفحة غير معروفة