***75]
اللهم إني أسئلك من نورك بأنوره، وكل نورك نير، اللهم إني أسئلك بنورك كله.
واعلم أن من أجل ما يرد على السالك بقدم المعرفة إلى الله من عالم الملكوت، وأعظم ما يفاض على المهاجر من القرية الظالم أهلها من حضرت الجبروت، وأكرم خلعة ألبست عليه بعد خلع نعل الناسوت من الوادي المقدس والبقعة المباركة، وأحلى ما يذوقه من الشجرة المباركة في الجنة الفردوس بعد قلع الشجرة الملعونة من عالم الطبيعة انشراح صدره لأرواح المعانى وبطونها وسر الحقايق ومكنونها وانفتاح قلبه على تجريدها عن قشور التعينات وبعثها عن قبور المهيات المظلمات ورفضها عن غبار عالم الطبيعة وإرجاعها عن الدنيا إلى الآخرة وخلاصها عن ظلمة التعين إلى نورانية الإرسال ومن دركات النقص إلى درجات الكمال ومن هذه الشجرة المباركة والعين الصافية انفتاح أبواب التأويل على قلوب السالكين والدخول في مدينة العلماء الراسخين والسفر من طريق الحس إلى منازل الكتاب الأبهى، فإن للقرآن منازل ومراحل وظواهر وبواطن أدناها ما يكون في قشور الألفاظ وقبور التعينات. كما ورد أن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا. وهذا المنزل الأدنى رزق المسجونين في ظلمات عالم الطبيعة، ولا يمس ساير مراتبة إلا المطهرون عن أرجاس عالم الطبيعة وحدثه، والمتوضئون بماء الحياة من العيون الصافية، والمتوسلون بأذيال أهل بيت العصمة والطهارة والمتصلون بالشجرة المباركة الميمونة، والمتمسكون بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والحبل المتين الذي لا نقض له حتى لا يكون تأويله أو تفسيره بالرأي ومن قبل نفسه، فإنه لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. فإذا انشرح صدره للإسلام وصار على هدى ونور من ربه علم أن النورلم يكن محصورا في هذه المصاديق المعرفية من الأعراض التي لا يظهر به إلا سطوح الأجسام الكثيفة ولا يظهرها إلا على العضو البصري مع الشرايط المقررة دون ساير المدارك ولم يبق نفسه في آنين، بل يظهر له أن العلم أيضا نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده. وحقيقة النور التي هي الظهور بذاتها والإظهار بغيرها متجلية فيه بالطريق الأتم والسبيل الأوضح والأقوم فنور العلم متجل في مجالى جميع المدارك بل من المرائي التي فوق المدارك من النفوس الكلية الإلهية والعقول المجردة القدسية والملائكة المنزهة المقدسة ويظهر به بواطن الأشياء كظواهرها وينفذ على تخوم الأرض وسحق السماء ويبقى نفسه
مر الليالي والأيام. بل يحيط بعض مراتبه على الزمان والزمانيات، وينطوي لديه المكان والمكانيات بل بعض مراتبه واجب به وعمت الأراضي والسماوات وهو أحاط بكل شئ علما. وعند ذلك قد ينكشف على ***76]
صفحة ٧٥