شرح ديوان المتنبي
محقق
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
الناشر
دار المعرفة
مكان النشر
بيروت
- الْمَعْنى يُرِيد بلعب الْبَين اقتداره عَلَيْهِمَا لِأَن الْقَادِر على الشئ لَا يحْتَاج إِلَى استفراغ أقْصَى وَسعه فى تقليبه على مُرَاده وَقَوله
(مَا زود الضبا ...)
يُقَال إِن الضَّب إِذا خرج من مسربه لم يهتد إِلَيْهِ فَيُقَال هُوَ أحير من ضَب وَقيل بل الضَّب لَا يتزود فى الْمَفَازَة لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى المَاء أبدا فَكَأَنَّهُ لَا يتزود يُرِيد أَن الْبَين وَهُوَ الْفِرَاق لم يزوده شَيْئا يُرِيد أَنه لم يودع حَبِيبه وفارقه من غير وداع وَلَا التقاء فَيكون التوديع لَهُ زادا على الْبعد كَمَا قَالَ بَعضهم
(زَوّدَ الأحْبابُ للأَحْباب ... ضَمّا والِْزَاما)
(وسُلَيْمَى زَوّدَتْنِى يَوْمَ ... تَوْدِيعِى السَّقاما)
وَقَالَ ابْن فورجة يُرِيد زودنى الضلال عَن وطنى الذى خرجت مِنْهُ فَمَا أوفق إِلَى الْعود إِلَيْهِ والاجتماع مَعَ الحبيب والضب يُوصف بالضلال وَقلة الاهتداء إِلَى جُحْره وَقَالَ الواحدى يجوز أَن يكون الْمَعْنى أَن الضَّب مَكَانَهُ الْمَفَازَة فَلَا يتزود إِذا انْتقل مِنْهَا يَقُول أَنا فى الْبَين مُقيم إِقَامَة الضَّب فى الْمَفَازَة وَلَيْسَ من عَادَة الْمُقِيم أَن يتزود فالسير والبين كَأَنَّهُمَا منزلا لإلفى إيَّاهُمَا
١٢ - الْمَعْنى يُرِيد من كَانَ ولد الشجعان وَكَانَ جدوده كالأسود الَّتِى تعودت أكل اللحوم يكن اللَّيْل لَهُ نَهَارا لِأَنَّهُ لَا تعوقه الظلمَة عَن إِدْرَاك مَا يُرِيد وَكَانَ مطعمه مِمَّا يغصب من الْأَعْدَاء فَهُوَ يركب اللَّيْل لقَضَاء حاجاته قَالَ أَبُو الْفَتْح قَوْله يكن ليله صبحا من قَول الآخر
(فَبادِرٍ اللَّيْلَى ولَذَّاتهِ ... فإنَّما اللَّيلُ نهارُ الأرِيبْ)
١٣ - الْغَرِيب التراث هُوَ المَال الْمَوْرُوث قَالَ الله تَعَالَى ﴿وتأكلون التراث أكلا لما﴾ الْمَعْنى يَقُول لَا أبالى بعد أَن أدْرك معالى الْأُمُور بِأَن مَا نلته من الْأَمْوَال وراثة من آبائى أَو كسب أكسبه أى لَا أبالى من أَيهمَا كَانَ بعد أَن يؤدينى إِلَى الْعلَا
1 / 60