شرح ديوان المتنبي
محقق
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
الناشر
دار المعرفة
مكان النشر
بيروت
- الْغَرِيب الْمُصَاب هُنَا مصدر كالإصابة والخبث الْجزع هُنَا وَالطّيب الصَّبْر وَترك الْجزع وَمعنى ثنت صرفت وَالْفِعْل للنَّفس وَتَقْدِيره ثنته أى صرفت الْخبث وَقَالَ الْخَطِيب إِذا جزع الْكَرِيم فى أول نزُول الْمُصِيبَة وراجع أمره عَاد إِلَى الصَّبْر وَالتَّسْلِيم وَمن لم يوطن نَفسه على الْمُصِيبَة فى أول الْأَمر صَعب عَلَيْهِ عِنْد وُقُوعهَا وَهَذَا الْبَيْت من الحكم قَالَ الْحَكِيم من علم أَن الْكَوْن وَالْفساد يتعاقبان الْأَشْيَاء لم يحزن لوُرُود الفجائع لعلمه أَنه من كَونهَا فهان عَلَيْهِ ذَلِك لعجز الْكل عَن دفع ذَلِك
٢٨ - الْمَعْنى يَقُول لابد للمحزون من سُكُون إِمَّا أَن يسكن عزاء أَو يسكن إعياء فالعاقل الذى يسكن تعزيا كَمَا قَالَ مَحْمُود الْوراق
(إِذا أنتَ لم تَسْلُ اصْطِبارًا وحِسْبَةً ... سَلَوْتَ على الأيَّامِ مِثْلَ البهائمِ)
وكقول حبيب
(أتَصْبِر للبَلْوَى عَزَاءً وَحِسْبَةً ... فتَوُجَرَ أمْ تَسْلُوا سُلُوّ البهائمِ)
٢٩ - الْإِعْرَاب جدا نَصبه على التَّمْيِيز وَكم يكون لشيئين للاستفهام وَالْخَبَر فعلى أى الْوَجْهَيْنِ كَانَت جَازَ النصب فَإِن كَانَت خَبرا فقد فصلت بَينهَا وَبَين معمولها فَبَطل الْخَبَر لِئَلَّا يفصل بَين الْعَامِل ومعموله الْمَعْنى يَقُول كم لَك من أَب وجد لم تره عَيْنك فَلم تبك عَلَيْهِ فَهَب هَذَا مثلهم لِأَنَّهُ غَابَ عَنْك وَالْغَائِب عَن قرب كالغائب الْبعيد عَهده وَقَالَ الْخَطِيب ينبغى أَن تتسلى عَن يماك لِأَنَّهُ قد غَابَ عَن عَيْنك كَمَا لم تحزن لأجدادك الَّذين لم ترهم وَهَذَا الْمَعْنى مَدْخُول لِأَن أجداده لم يرهم وَلم يعرفهُمْ وَهَذَا قد رَآهُ وعرفه ورباه
1 / 55