237

شرح ديوان الحماسة

محقق

غريد الشيخ

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

يكون " إذا هي قامت " استئناف كلامٍ، وحينئذٍ يكون جواب إذا قوله هنالك يجزيني الذي كنت أصنع.
وقمت إليه باللجام ميسرًا ... هنالك يجزيني الذي كنت أصنع
يقول: وقمت إلى فرس في تلك الحال، مهيئًا له باللجام، للدفاع والقتال. ثم قال: في ذلك الوقت يجزيني ما أعامله به الساعة من إيثارٍ بلبنٍ، وتضميرٍ وصنعة. وقوله " ميسرًا " أي مهيئًا. وفي القرآن: " فسنيسره للعسرى ". هنالك إشارةٌ إلى الوقت، ويستعمل في المكان. ويقال هناك أيضًا فيهما. والعامل فيه ها هنا يجزيني.
وقال حجر بن خالدٍ
كلبيةٌ علق الفؤاد بذكرها ... ما إن تزال ترى لها أهوالًا
يقول: علق الفؤاد بذكر امرأةٍ كلبيةٍ، لا تزال تقاسي من أجلها أهوالًا، وتتحمل مشقاتٍ. قوله " علق الفؤاد بذكرها " يجوز أن يكون أراد علق ذكرها بالفؤاد فقلب، لأن المراد مفهومٌ، ويكون كقول الآخر:
علق الأحشاء من هندٍ علق
وكما يقال علق بقلبه علاقته. ويجوز أن يكون جعله الفؤاد تابعًا للذكر فكأنه تعلق به. وكل شيءٍ وقع موقعه قبل علق معالقه. وجعل صدر البيت على الإخبار عنها، ثم نقل الكلام إلى مخاطبة نفسه. ويجوز أن يكون استمر في الإخبار عنها ويكون المعنى: علقها الفؤاد فلا تزال هي تقاسي أنت بسببها أهوالًا. و" إن " من قوله " ما إن " زيدت لتأكيد النفي.
فاقني حياءك لا أبا لك إنني ... في أرض فارس موثقٌ أحوالا
أقبل يخاطب المرأة فقال: الزمي حياءك، أي لا تفعلي ما يقال نسي الحياء معه واطرح، إنني محبوسٌ في أرض فارس سنين لا أبا لك. وقوله " لا أبا لك " بعثٌ وتحضيض، وليس بنفيٍ للأبوة، وخبر لا محذوف، لأن المعنى لا أباك، ودخلت

1 / 255