شرح العقيدة الطحاوية

ابن أبي العز ت. 792 هجري
86

شرح العقيدة الطحاوية

محقق

أحمد شاكر

الناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هـ

مكان النشر

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْخَامِسُ: إِثْبَاتُ إِرَادَاتٍ (١) مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ الْأَفْعَالِ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَهُ إِرَادَةٌ تَخُصُّهُ، هَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ فِي الْفِطَرِ، فَشَأْنُهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَلَى الدَّوَامِ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ. السَّادِسُ: أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ إِرَادَتُهُ جَازَ فِعْلُهُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَنْ يَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَأَنْ يُرِيَ عِبَادَهُ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَتَجَلَّى لَهُمْ كَيْفَ شَاءَ، وَيُخَاطِبَهُمْ، وَيَضْحَكَ إِلَيْهِمْ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنَّهُ تَعَالَى فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ. وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ ذَلِكَ عَلَى إخْبَارِ الصَّادِقِ بِهِ، فَإِذَا أمر (٢).، وَكَذَلِكَ (٣) مَحْوُ مَا يَشَاءُ، وَإِثْبَاتُ مَا يَشَاءُ، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، ﷾. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا أَوَّلٌ، يَلْزَمُ مِنْهُ التَّعْطِيلُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ اللَّهَ ﷾ لَمْ يَزَلْ غَيْرَ فَاعِلٍ ثُمَّ صَارَ فَاعِلًا. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قِدم الْعَالَمِ، لِأَنَّ كل ما سوى الله محدَث مُمْكِنُ الْوُجُودِ، مَوْجُودٌ بِإِيجَادِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا الْعَدَمُ، وَالْفَقْرُ وَالِاحْتِيَاجُ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَازِمٌ لِكُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى. وَاللَّهُ تَعَالَى وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، غَنِيٌّ لِذَاتِهِ، والغِنى وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَازِمٌ لَهُ ﷾. وَلِلنَّاسِ قَوْلَانِ فِي هَذَا الْعَالَمِ: هَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَادَّةٍ أَمْ لَا؟ وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ هَذَا الْعَالَمِ مَا هُوَ؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ (٤). وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: «قَالَ أَهْلُ الْيَمَنِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ

(١) في المطبوعة «إرادة» بالإفراد. وهو خطأ. (٢) بياض بالأصل. (٣) في سائر النسخ: (فإذا أَخْبَرَ وَجَبَ التَّصْدِيقُ، وَكَذَلِكَ ..) إلخ. ن. (٤) سورة هُودٍ آية: ٧.

1 / 89