فهذه الأخبار كلها تدل على أن الدرجة العظمى والمنزلة الكبرى في الدين والتقوى للعلماء العارفين ، الذين يعرفون الحقائق، ويعملون بها ولايبلغ العاقل درجة العقلاء في الدين إلا بمعرفة واجبات القلوب على التحقيق، ومعرفة أحكام الله تعالى في كل فعل وترك، والعلم بما يفعل كيف يفعل وعلى أي وجه يفعل، وما يترك كيف يترك؟ وعلى أي وجه يترك؟ ومتى يكون العبد معظما لله تعالى، خائفا من عقابه وراجيا لثوابه؟
كما قال عليه السلام: (وفي ذلك إيجاب الثواب والعقاب، ويعرف مراتب التوبة). ومتى يعظم الندم ويقوى العزم، وهذا لايتم إلا بمعرفة من العقليات والشرعيات، وما يرجع إلى هذين الفنين.
واعلم أنه دعانا إلى ذكر هذه الأخبار بنقل العامة وإن كان قد نقلها عندنا من نثق به من أئمتنا عليهم السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومشائخ أهل العدل والتوحيد إنكار فقهائهم حجج العقول، والرجوع إليها في متشابه القرآن والأخبار، مثل داود الأصبهاني حيث يقول: بل على العقل والعقول ومن تابعه من الحشوية، وقد قال فيه ابن دريد إلا أن كانت النسخة أعجمية، لم تثبت الأبيات :
قال داود ذو الرقاعة والجهل.... بأن العقول ليست بحجة
ولعمري لعقله ذلك ال.... عقل فما أن يصاب فيه محجة
صفحة ٣٧