11 - " عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب - سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته - رضي الله عنهما - قال: " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح " . قوله: " يريبك " بفتح الياء وضمها والفتح أفصح وأشهر ويجوز الضم يقال رابني الشيء وأرابني ومعناه: اترك ما شككت فيه واعدل إلى ما لا تشك فيه وهذا راجع إلى معنى الحديث السادس وهو قوله: " الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات " وقد جاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس " . وهذه درجة أعلى من ذلك.
ترك ما لا يعني المسلم
12 - " عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا " .
......................................................
وقد رواه قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وصحح طرقه ثم قال في هذا الحديث هذا من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ القليلة ونحو ذلك قول أبي ذر في بعض حديثه: " ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه " .
وذكر مالك أنه بلغه أنه قيل للقمان: " ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل " فقال: " صدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني " .
وروى عن الحسن قال: " من علامة أعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه " .
وقال أبو داود أصول السنن في كل فن أربعة أحاديث وذكر منها هذا الحديث.
كمال الإيمان
13 - " عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه - خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " رواه البخاري ومسلم.
......................................................
هكذا جاء في صحيح البخاري لأخيه من غير شك وجاء في صحيح مسلم حتى يحب لأخيه أو لجاره على الشك.
قال العلماء: يعني لا يؤمن من الإيمان التام وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لك يكن بهذه الصفة.
والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي: " حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه " . قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح، وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك، إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا ينقص عليه شيء من النعمة، وذلك سهل قريب على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله تعالى وإخواننا أجمعين.
وقال أبو الزناد ظاهر هذا الحديث التساوي وحقيقته التفضيل لأن الإنسان يجب أن يكون أفضل الناس فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل هو في جملة المفضولين ألا ترى أن الإنسان يجب أن ينتصف من حقه ومظلمته؟ فإن أكمل إيمانه وكان لأخيه عنده مظلمة أو حق بادر إلى إنصافه من نفسه وإن كان عليه فيه مشقة.
ويحكى أن الفضل بن عياض، قال لسفيان بن عيينة إن كنت تريد أن يكون الناس مثلك فما أديت الله الكريم النصيحة فكيف وأنت تود أنهم دونك؟ .
وقال بعض العلماء في هذا الحديث من الفقه أن المؤمن مع المؤمن كالنفس الواحدة فينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من حيث إنهما نفس واحدة كما جاء في الحديث الآخر " المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " .
حرمة دم المسلم وأسباب إهداره
14 - " عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة " رواه البخاري ومسلم " .
......................................................
وفي بعض الروايات المتفق عليها " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث " فقوله: " يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله " كالتفسير لقوله " مسلم " وكذا قوله: " المفارق للجماعة " كالتفسير لقوله: " التارك لدينه " وهؤلاء الثلاثة مباحوا الدم بالنص والمراد بالجماعة " المسلمون " وإنما فراقهم بالردة عن الدين وهي سبب لإباحة دمه.
صفحة ١٦