============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية وقال: إنما لم يكن العارف صاحب حال؛ لأن هويته قليت في هوية غيره، وآثاره غيبت في آثار غيره، فالعارف طيار والزاهد سيار: وقال: لو شفعني الله في كل أهل عصري، لم يكن عندي تكبر؛ لأنه شفعني في قطعة طين وكتب إليه يحيى بن معاذ: "إني سكرت من كثرة ما شربت من كأس المحبةه فكتب إليه: "هنا رجل يعتي نفسه - شرب بحار السموات والأرض وما روى بعد".
قال له فقيه: علمك هذا أخذته عن من؟ قال: علمي من عطاء الله وعن الله، ومن حيث قال رسوله: لامن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعمل (" وسئل الجرجاني عن الكلام المنقول عن أبي يزيد مما لا يفهم فقال: يسلم له حاله، وأيكم بمجاهدة نفسه كما جاهد، ودعا نقسه يوما إلى عبادة فأبت، فمنعها الماء سنة، فجاهدوا وتفهموا إشاراته.
قال ابن معاذ: رآيته في بعض مشاهداته كالغريق ضاربا بذقنه على صدره شاخضا بعينيه من العشاء إلى الفجر، ثم سجد عند السحر فأطال سجوده، ثم قعد فقال: "اللهم طلبوا منك فأعطيتهم طي الأرض والمشي على الماء وركوب الهواء وانقلاب الأعيان، واني أعوذ بك منها".
ثم التفت فرآني فقلت: يا سيدي، حدثني بشيء فقال: أحدثك بما يصلح لك، أدخلني الحق في الفلك الأسفل فدورني في الملكوت الأسفل فأرانيه، ثم أدخلني الفلك العلوي وطوف بي السماوات وأراي ما فيها من الجنان إلى العرش ثم أوقفني بين يديه.. فقال: سلني أي شيء رآيته حتى أهبه لك.. قلت: يا سيدي، ما رأيت شيئا حسنا أسألك إياه.. فقال: أنت عبدي حقا، تعبدني لأجلي صدقا، لأفعلن بك وأفعلن، وذكر أشياء.
قال ابن معاذة فهالني ذلك وقلت: لم لم تسأله المعرفة؟ قال: غرت عليه مني، لا أحب أن يعرفه سواه وصحبه رجل من أهل الشهود ثلاثين سنة مع الصيام أيامها وقيام لياليها، فقال له: يا (1) رواه أبو نعيم في الحلية (15/10).
صفحة ٦٣