============================================================
شرح الأنفاس الروحانية قوله: "المنية صاحب سعةه يمني صاحب المنية طالب دنيا، فان قنع يكفيه القليل، وإن طمع في الكثير لا يكفيه الكثير، ومنهم من لا يقنع بقليل، ولا يشبع بكثين، ومنهم من يشبع بقليل ولا يقنع بكثير، ومنهم بين ذلك.
وقال أيضا: "من له همة فهو في ديوان البالغين، ومن له إرادة فهو في ديوان المريدين، ومن له منية وشهوة فهو في ديوان العاصين" يعني من له همة فهو من البالغين إلى الله تعالى، ومن له الإرادة فهو من المريدين لله تعالى لا لذاته ولكن للآخرة، ومن له منية وشهوة فهو من العاصين، يعني وإن لم يعص في الشريعة، فهو من العاصين في الطريقة، أما في الشريعة فلا هو من العاصين ما لم يقترف يه قال النوري: "معصية الهمة طاعة، وطاعة المنية معصية".
قوله: "معصية الهمة طاعة" آبلغ من قول الجنتيد حيث قال: ل"ما عاقب الله احب الهمة وإن عصاهه لأن النوري جمل معصيته طاعة، والجنيد جعل معصيته مغفرة، والحق مع النوري لأن اهمة مع الحق دائما، وكان تائبا دائما منيبا إلى الله تعالى، وقال الله تعالى في حق التاثبين: فأولئك يبدل الله سيقاتهم حسنات} [الفرقان: 70].
قوله: "وطاعة المنية معصيةه لأن المنية إرادة الدنيا، ومحبة لذاتها، وذلك في تفسها معصية، قال النبي "حب الدنيا رأس كل خطيئة(1)" وطاعة الخطيئة، خطينة كعبادة الوثن، والسجدة للصنم، وأعمال هؤلاء ما قال الله تعالى وقدفتا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) [الفرقان: 23] .
وقال الشبلي: "الهمة لا تكون في الدنياه يعني الهمة من إرادة الله تعالى ذاته، لا يميل إلى الدنيا، والآخرة، والنفس، وكل إرادة على خلاف ذلك ليست قال الجنيد: "الهمة بشرى لأولياته، كالوحي بشرى لأنبيائه" يعني الهمة هنا السر، فإته يبشر العبد بما يشاهد في عالم الحق؛ لأن العبد بنفسه، وقلبه، وعقله لا يلج عالم الحقيقية، ولا يشاهد شيئا ثم إلا بعين السر، فسمى عين السر هنا الهمة، والبشرى لأولياء الله تعالى كالوحي لأنبيائه، يعني الهمة عين السر، بها (1) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (178/3)، وللشوكاني جزء في شرحه.
صفحة ٢٨٤