198

Sharh Anfas Ruhaniyya

تصانيف

============================================================

191 شرح الأنفاس الروحانية وكذلك هو ارتفع الاعتراض الوهمي، تعالى الله عن ذلك.

وقد قررنا غير ما مرة أنه ينيغي للانسان أن يعلم ميزانه من الحضرة الإهية، فإن الجود الإلهي قد أدخله في الميزان، فيوازن العبد بصورته حضرة موجده ذاتا وصفة وفعلا، ثم لا يلزم من الوزن الاشتراك في حقيقة الموزوتين: فإن الذي يوزن به الذهب أو الميك هو صبخة حديي، قليس يشبه في ذاته ولا صفته ولا عدده، فلا يوزن بالصورة الإنسانية إلا ما تطلبه الصورة الإنسانية بجميع ما تحتوي عليه بالأسماء الإلهية التي توجهت على ايجاده وأظهرت آثارها فيه.

وكمالم تكن صبخة الحديد ثوازن الذهب في حد ولا في حقيقة ولا صورة ولا عين كذلك العبد وإن خلقه الله تعالى على صورته فلا يجتمع معه في حد ولا حقيقة؛ إذ لا حد لذاته تعالى، والإنسان محدود بحد ذاتي، لا رسمي، ولالفظي.

فالانسان اكمل المخلوقات وأجمعها من حيث نشأته ومرتبته.

فإذا وققت يا آخي على هذا الميزان زال عنك ما تتوهمه في الصورة من المشاركة للحق في الحقيقة؛ قإن الله تعالى هو الخالق، وأنت العبد المخلوق، وكيف للصنعة أن تعلم صانعهاا إنما تطلب الصنعة من الصانع صورة علمه بها لا صورة ذاته، وأنت صنعة خالقك، قصورتك مطابقة لصورة علمه بك، هكذا كل مخلوقي ولو لم يكن الأمر كذلك وكان يجمعكما حد واحد وحقيقة واحدة كما يجمع زيذا وعمرا لكنت أنت إلمتاء والأمر كذلك على خلاف ذلك.

فاعلم بأي ميزان تزن نفسك، فإنك صبحة حديد يوزن بها ما لا ثمن له، وان اجتمعت مع الموزون في المقدار فما اجتمعت معه في القدر ولا في الذات.

تعالى الله عن ذلك، وإنما قال فيما تقدم: "من عرف نفسه فقد غرف ربهه، ولم يقل: (فقد عرف ذات ربه): لأن الذات لها الغنى على الإطلاق، وأنى للمقيد معرفة المطلق الذي هو الله، بخلاف الاسم الرب؟1 فإنه يطلب المربوب بلا شك، ففيه رائحة التقييد.

ولذلك أمر الله تعالى العبد أن يعلم: ( إثما هوإله وجد [الأنعام:19]؛ لأن الإله يطلب المألوه، بخلاف اسم الذات الخصيص، فإنه غني عن الإضاقة.

وهنا أمؤ ينبغي التفطن له، وهو أن معرفتنا بالرب لا تكون إلا فرغا عن معرفتنا بالنفس؛ إذهي الدليل: وإن كان وجود الرب هو الأصل ففي مرتبة يتقدم فيكون له الاسم الأول، وفي مرتبة يتأخر، فيكون له الاسم الآخر، فيحكم له بالأصل من نسبة خاضق ويحكم له بالقرع من نسبة أخرى، كما قال تعالى: (فأذكروني أذكركم* [البقرة: 152] هذا يعطيه النظر العقلي.

صفحة ١٩٨