============================================================
شرح الأنفاس الروحانية قوله: "والتنفس فيه مباح" يعني الاشتغال عنها بأمور الدنيا، والدين نحو الطاعات، والعبادات، وطلب الحلال مباح وإنما أبيح ذلك التنفس لضرورته لأنه لا يمكن للقلب والتنفس بإقامة ذلك المصالح ما لم يشتغل عن الاحترام والتعظيم.
قوله: "الوفاء بالسر، والتنفس فيه مياح" يعني بالسر: النور الذي في القلب، وهو الروح دون الخفى، والخفي فيه كما عرفت من قبل، ويعنى بالوفاء في السر دوام مراقية العالم العليا، ومن لم يداوم النظر قليس بوافي غير أن النفس فيه مباح، لأن القلب والنفس لا يعيشان إلآ بقيام مصالح هذا العالم، ولا يقدران على اصلاحها إلا ببقاء العقل بدرقة ذلك النور؛ لأن ذلك التور هو الهمة ولايد للعقل في القلب والنفس من التنفس فيه مباحا.
قوله: "ووفاء الحرمة وفاء في الخفى، والتنفس حرام" لأن الاعراض عنها كون للعقل، والسر إلى مصالح الدين، والدنيا على ما مر من قبل فإنما جاز ذلك، لأنه لابد للتفس والقلب من إقامة هذه المصالح، ولا يمكن إقامتها إلا بصرف العقل، والهمة، والقلب، والنفس إليها عن غيرها، وفي الخفي لا يحتاج اليها في اقامة مصالح الدين والدنيا فلا يحل حرفة عن تعظيم الحق تعالى وعن احترامه جل وعز اذ لو صرفه فقد صرف من غير حاجة كيف وهو أن الصحيح عندي أن حرف الخفي عن الوفاء بالحرمة والتعظيم لا يتصور إلا بالكفر، ومداومة الاحترام والتعظيم لازمة للخفي دائما، والخفي مفتحة الإيمان، ولهذا قالوا: إن هذا الروح لا يكون للكفار قط:.
فإن قال قائل: هل تقول على هذا القول أن العبد يغفل عن الاحترام والتعظيم؟.
صفحة ١٢٩