شرف المصطفى
الناشر
دار البشائر الإسلامية - مكة
رقم الإصدار
الأولى - 1424 هـ
الضيم، فرجعوا فبلغ ذلك أبرهة بن الصباح فغضب لذلك فبعث إليه رجلا من قومه، يقال له حناطة الحميري- وكان يهزم جيشا وحده- فأقبل يسير حتى دخل مكة، فسأل عن كبير الناس بها فقالوا:
عبد المطلب، فلما دخل نظر إلى وجهه فتلجلج لسانه، وخر مغشيا عليه وخار كما يخور الثور عند ذبحه، فلما أفاق خر ساجدا لعبد المطلب فقال: أشهد أنك سيد قريش حقا.
ويروى أن أبرهة بعثه ليسأل عن سيد أهل البلد، وقال: قل له:
إن الملك يقول: إني جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تتعرضوا لي بقتال فلا حاجة لي بدمائكم، فلما سأل عن سيد قريش قيل: عبد المطلب، فأخبره بما قال أبرهة فقال عبد المطلب: والله ما نريد حربه، هذا بيت الله الحرام، وإن للبيت ربا يحميه، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن يخلي بينكم وبينه فما عندنا دفع.
فلما أدى الرسالة قام عبد المطلب فركب في نفر من قريش فلما أن توسط العسكر سعى سعيا حتى دخل على الملك وقال: قد جاءكم اليوم سيد قريش حقا، قال: ويلك كيف علمت ذلك؟ قال: لأني لم أر في الآدميين أجمل منه، فأخذ أبرهة زينته ثم أذن لعبد المطلب حتى دخل عليه فأخذ بكلتا يديه وأجلسه على سرير ملكه، وأقبل الملك على وجه عبد المطلب ثم قال: هل كان في آبائك من كان له مثل هذا النور والجمال؟ فقال عبد المطلب: نعم، كل آبائي كان لهم هذا النور والبهاء، فقال الملك أبرهة: فأنتم قوم قد فاخرتم الملوك وقد حق لك أن تكون سيد قومك.
ويروى أن عبد المطلب لما جاء إلى عسكر أبرهة طلب صديقا له
صفحة ١٨٢