شرف المصطفى
الناشر
دار البشائر الإسلامية - مكة
رقم الإصدار
الأولى - 1424 هـ
49-
وفي رواية أخرى: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيدنا في إيمان قس بن ساعدة؟
(49) - قوله: «وفي رواية» :
أتمها سياقا وأشملها تلك المروية- في حديث الجارود- من طريق علي بن سليمان، عن سليمان بن علي، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس، عند البيهقي في الدلائل [2/ 105] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 428] ، وفيها:
قال ابن عباس: قدم الجارود بن عبد الله- وكان سيدا في قومه، مطاعا عظيما في عشيرته: مطاع الأمر، رفيع القدر، عظيم الخطر، ظاهر الأدب، شامخ الحسب، بديع الجمال، حسن الفعال، ذا منعة ومال- في وفد عبد القيس من ذوي الأخطار والأقدار، والفضل والإحسان، والفصاحة والبرهان، كل رجل منهم كالنخلة السحوق، على ناقة كالفحل الفنيق قد جنبوا الجياد، وأعدوا للجلاد، مجدين في سيرهم، حازمين في أمرهم، يسيرون ميلا، ويقطعون ميلا فميلا، حتى أناخوا عند مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل الجارود على قومه والمشائخ من بني عمه، فقال: يا قوم، هذا محمد الأغر، سيد العرب، وخير ولد عبد المطلب، فإذا دخلتم عليه، ووقفتم بين يديه، فأحسنوا عليه السلام، وأقلوا عنده الكلام. فقالوا بأجمعهم: أيها الملك الهمام والأسد الضرغام، لن نتكلم إذا حضرت، ولن نجاوز إذا أمرت، فقل ما شئت، فإنا سامعون، واعمل ما شئت، فإنا تابعون. فنهض الجارود، في كل كمي صنديد، قد دوموا العمائم، وتردوا الصمائم، يجرون أسيافهم ويسحبون أذيالهم، يتناشدون الأشعار، ويتذاكرون مناقب الأخيار، لا يتكلمون طويلا، ولا يسكتون عيا؛ إن أمرهم ائتمروا، وإن زجرهم ازدجروا، كأنهم أسد غيل يقدمها ذو لبؤة مهول، حتى مثلوا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل القوم المسجد، وأبصرهم أهل المشهد، دلف الجارود أمام النبي صلى الله عليه وسلم، وحسر لثامه وأحسن سلامه، -
صفحة ٢١٧