الإنسان؛ فيدل على يبوسته، أن ما فيه (١) من الهوائية، ليست تفيد فى ترطيب البدن. فأما الرطوبة الهوائية - وهى بمعنى سهولة الانفعال - وذلك مما يلزمه أن يكون مرطِّبًا للبدن، فلذلك إنما يكون ترطيبه بالمائية فقط، وذلك مما يزيد على يُبْس الأرضية والنارية.
فلذلك، لابد وأن يكون الإبريسم، يؤثِّر فى بدن الإنسان بيبوسته فيكون لامحالة يابسًا. وجوهره - لامحالة - لطيفٌ، وذلك لأجل قلَّة أرضيته، لما قلناه. وما كان كذلك، فإن نفوذه يكون أسرع وأسهل. وما كان كذلك، فإن تأثيره فى المواضع البعيدة يكون (٢) أكثر. فلذلك، تسخينُ الحرير ويُبْسه - وإن كانا (٣) ى نفسهما قليلين - فإنهما لأجل لطافة جوهر الحرير، قد يكون تأثيرهما شديدًا.
وقد علمت أن من شأن الحرارة التحليل، ومن شأنه اليبوسة التجفيف. وإذا كان المجفِّف محلِّلا، كان تجفيفه شديدًا؛ فكذلك يكون تجفيف الإبريسم له قوةٌ ظاهرة (٤)، فلذلك هو مُنَقٍّ، وفيه تقطيع لأجل لطافته ونفوذه؛ فلذلك يسهل نفوذه بين أجزاء المادة فيفرِّقها إلى أجزاء، فلذلك هو مقطِّع.
وقد يُستعمل الحريرُ كما هو، وقد يستعمل مُحْرَقًا. فإذا كان محرقًا، فإنه لا محالة أشد تجفيفًا، ويكون له حِدَّةٌ ولذع، وذلك مما تحدثه (٥) فيه النارية المحرقة. فلذلك، يكون لذَّاعًا إذا لم يُغسل، وإذا غُسل فارقته الحرارة المستفادة
_________
(١):. انما.
(٢):. تكون.
(٣):. كان.
(٤) ن: طاهرة.
(٥):. يحدثه.
1 / 86