وإنما سبق إلى الخواطر أن الحملة وليدة الدعوة السياسية لشيوع الظن بأنها صدرت أول مرة من كتاب رجل مشغول برياضة الملاحة، وأن الكتاب الذي وردت فيه موضوع عن قصة هذه الرياضة
Romance of Yachting
في سنة 1848 التي تعتبر من سنوات الحرج في تاريخ صراع الطبقات بالقارتين الأوروبية والأمريكية، ولم ينشر هذا الكتاب في إنجلترا بل نشر في الولايات المتحدة وهي مشغولة بصراع الأجناس والعصبيات مع صراع الطبقات، وكان مؤلفه من رجال السلك السياسي يسمى جوزيف هارت
Hart
يكتب في هذه المباحث وما إليها كتابة الهواة.
إلا أن هذا المؤلف لم يكن أول من أثار الشك في أصالة أعمال شكسبير، بل قام هذا الشك قبله بنحو سنة في دراسات رجل من رجال الدين بعيد عن شواغل السياسة يكاد ينقطع لدراسة المنطق والحكمة وما يتصل بهما من علوم الربوبية أو اللاهوت، وكان هذا القس - واسمه جيمس ويلموت
Wilmot - يعكف على دراسة الفلسفة التجريبية في كتب فرنسيس باكون، ويستغرب التشابه بين عباراته وعبارات شكسبير، ويسجل استغرابه هذا عرضا في تعليقاته ورسائله بين ما كان يسجله من اللمع والآراء، ولم يذهب في التعليقات والرسائل مذهب القول الصريح بنسبة العبارات المتشابهة إلى باكون دون شكسبير، ولكنه أثار الشك في نفوس محادثيه والمطلعين على رسائله، وذاعت عنه هذه المقارنات قبل أن تصدر في كتاب مطبوع ببضع سنوات.
وكان من أثر المحادثات في بيئة القس ويلموت أن صديقه الأستاذ جيمس كورتون كويل
Cowell
أحد المحاضرين في مواسم شكسبير عدل عن إلقاء محاضرة أعدها لزيارة من زيارات ستراتفورد؛ لأنه ارتاب في إبداع شاعرها لما نوه به في المحاضرة من أسرار البلاغة وآيات الإبداع، وتوفي القس ويلموت سنة 1807 ولم ينشر شيئا باسمه عن أصالة أعمال شكسبير، وإنما كثر الكلام في المشابهة بين عبارات شكسبير وعبارات باكون بعد ظهور الرسائل التي طبعتها إحدى قريباته في حياته، ويظن أن الكتب التي نشرت في هذا المعنى لمؤلفين مجهولين مكتوبة بقلم القس نفسه ولكنه أخفى اسمه ليربأ بمكانته الدينية عن لجاج الخصومات في موضوع كهذا الموضوع المثير، ومن هذه الكتب كتاب عنوانه سيرة الفهم السليم ومغامراته
صفحة غير معروفة