الخبز الحياة، يؤدم به كل مأكول: الزيت، الحساء، الجبن ، العنب ... ومن قبلاته نكهة تسيغ مذاق الخمر، والمرق، واللحم، وتسيغ مذاقه بمذاقه، بين خبز ينفرد انفراد الأمل، وخبز له إدام، وهم من الأوهام.
ويقبل صبيان الخبازين على المطايا الرواكض يقفون أمام كل باب موصد، فيصفقون ويصيحون: الخبز. الخبز.
وتمتد المعاصم العارية بالسلال، فيصطدم فيها الرغفان بالأطواق والفطائر بالأقراص.
وسرعان ما يقبل الصغار المحرومون يطرقون الأبواب، ويسألون: كسرة من الخبز لله!
الفتاة المسلولة
كانت تجلس مستوية على كرسي هابط وضيع، يعلو وجهها بياض ميت كبياض السوسنة المهصورة، في وسط الحجرة الباردة.
وكان الطبيب يوصيها بالنزهة في الخلاء، تتلقى شعاع الشمس - شمس مايو البرود - ولكن الطفلة المسكينة لا تستطيع.
قالت: إنني إذا وصلت إلى القنطرة - وهي قريبة كما ترى - لهثت من الإعياء، وخذلها صوتها الهزيل المتقطع، كما تنخذل النسمة الخافقة في حرارة الصيف.
وعرضت عليها بلاتيرو لرحلة قصيرة، فركبته وسرى الضحك على صفحات وجهها الذابل، تفتر عنه الثنايا البيض والعينان الكحيلتان.
وتتطلع النسوة من الأبواب ينظرن إلينا عابرات، ويسير بلاتيرو على هينة، كأنه يعلم أنه يسير بحمل من قوارير، والفتاة على ظهره في ثوبها النقي - كعذراء تتماير - تسري فيها روح الأمل ونفحة الحمى، فتلوح للعين ملكا يعبر القرية إلى سماء الجنوب.
صفحة غير معروفة