فكل لجنة من لجان الجوائز العالمية على غرار اللجنة السويدية عرضة للتفاوت في تقريرها عامدة أو غير عامدة، وقد تكون اللجنة السويدية في طليعة اللجان الموثوق بسداد رأيها وسلامة عملها، جهد الثقة من الإنسان بعمل الإنسان.
فمن الطبيعي أن يتفاوت الاهتمام بين القريب والبعيد، وبين اللغات المتداولة في بيئة المحكمين واللغات التي تنقل إليهم أو يفهمونها على السماع والرواية، وبخاصة حين تتباعد الأقطار، وتتباين الأمزجة، وتمتزج الفوارق الفكرية بالفوارق التاريخية، أو فوارق العنصر والسلالة.
ومن الطبيعي أن يتفاوت التقدير، حيث يتسع مجال النظر بين عشرات الأمم على اختلاف ثقافتها، واختلاف تقاليد الثقافة فيها حسب ما يعرض لها من الأطوار الاجتماعية.
ومن الطبيعي أن يتفاوت التقدير بين أدباء الأجيال المتعاقبة، وأن يحدث هذا التفاوت طفرة كما يحدث تدريجا، وأن يحدث في موضوع واحد من موضوعات الكتابة، كما يحدث في جملة هذه الموضوعات.
ومن الطبيعي أن يتفاوت ميزان النقد بين المحكمين أنفسهم، ولو لم يتغيروا في الجيل أو الجيلين، فإن تغيروا فالتفاوت مرتقب غير مستغرب، ولو كان من قبيل التفاوت في تطبيق القاعدة الواحدة والمقياس الواحد حسب اختلاف الوسائل والأساليب في التطبيق والتعقيب.
ولا مناص من التفاوت مع التزام شرط غير الشروط الأدبية وغير شروط الإجادة والإتقان في الكتابة؛ إذ يضطر المحكمون في هذه الأحوال إلى تفضيل الوسط الذي تجتمع له شروط الفن، وشروط الأخلاق والمطالب الإنسانية على الراجح الممتاز الذي تعلو به كفة وتهبط به أخرى في الميزان المشترك بين الفنون والأخلاق.
بل لا مناص من التفاوت مع توافر الشروط الفنية والإنسانية، إذا وجب في حساب المحكمين سنة من السنين أن ترعى جانب أمة طال إهمالهم إياها، ثم أتيحت لها الفرصة النادرة لتقديم من ترشحه في تلك السنة، ولا يتاح تكرار هذا الترشيح بعد فوات الأوان؛ فإن أديب هذه الأمة قد يقدم على سواه لهذا الاعتبار، وإن لم يكن مقدما عليه بجودة الفن وسمو الغاية.
وخير ما ينتظر من لجان الجوائز العالمية بين هذه الاعتبارات أن تضمن الحسن، ولا تدعي أنه الأحسن في جميع الموازين، وحسبها من رضا الناس بحكمها أن يقال إنه هو الأحسن على قدر الإمكان.
الجوائز والأمم
كتب الأسقف جوتفريد بلنج تقريرا إلى رئيس لجنة المحكمين قبل منح الجائزة للسنة الثانية، قال فيه: «إن الجائزة ينبغي حقا ألا تتخذ صبغة العمل السياسي، ولكنه من الحق الذي لا نزاع فيه أيضا، ولا سبيل إلى اتقائه أنها قد نظر إليها فعلا، وسينظر إليها كأنها ذات صبغة سياسية، وهذه نتيجة لا محيد عنها في عمل له هذه الصلات الدولية - العالمية - ومهما تحاول اللجنة أن تبتعد عن صبغة العلاقات الدولية، فلا مناص من التعقيبات التي تخوض فيها الصحافة من جميع الجوانب غير مستثنى منها الجوانب القومية.»
صفحة غير معروفة