والغيبية (1).
هذا ويجدر بنا ان ننقل هنا ما قاله صاحب تفسير مجمع البيان في هذا الصدد في شأن حادثة الفيل استكمالا لهذا البحث وتأكيدا لمعجزة هذا الحدث.
قال صاحب المجمع : وكان هذا من اعظم المعجزات القاهرات ، والآيات الباهرات في ذلك الزمان ، اظهره الله تعالى ليدل على وجوب معرفته ، وفيه ارهاص لنبوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لأنه ولد في ذلك العام ، وفيه حجة لائحة قاصمة لظهور الفلاسفة والملحدين المنكرين للآيات الخارقة للعادات فانه لا يمكن نسبة شيء مما ذكره الله تعالى من أمر اصحاب الفيل إلى طبع وغيره كما نسبوا الصيحة والريح العقيم والخسف وغيرهما مما أهلك الله تعالى به الامم الخالية ، إذ لا يمكنهم أن يروا في اسرار الطبيعة ارسال جماعات من الطير معها احجار معدة مهياة لهلاك أقوام معينين قاصدات إياهم دون من سواهم فترميهم بها حتى تهلكهم ، وتدمر عليهم ، لا يتعدى ذلك إلى غيرهم ولا يشك من له مسكة عن عقل ولب ان هذا لا يكون الا من فعل الله تعالى مسبب الاسباب ومذلل الصعاب ، وليس لأحد أن ينكر هذا لأن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لما قرأ هذه السورة على أهل مكة لم ينكروا ذلك بل اقروا به وصدقوه مع شدة حرصهم على تكذيبه ، واعتنائهم بالرد عليه وكانوا قريبي عهد بأصحاب الفيل ، فلو لم يكن لذلك عندهم حقيقة وأصل لأنكروه ، وجحدوه ، وأنهم قد أرخوا بذلك كما أرخوا ببناء الكعبة ، وموت قصي بن كعب وغير ذلك.
وقد اكثر الشعراء ذكر الفيل ونظموه ونقلته الرواة عنهم فمن ذلك ما قاله ( امية ) بن ابي الصلت :
إن آيات ربنا بينات
ما يماري فيهن إلا الكفور
صفحة ١٨٥