ثم إن الإمام شرف الدين ذكر أن الفقهاء الأربعة وغيرهم متبعون لأئمة أهل البيت فقاتل الله المفرق بينهم كما في خطبة الأنمار, ثم إن أهل البيت كثيرون فإن سلفهم لهم مذاهب أخر غير مذاهب المتأخرين كما اشتمل عليه الجامع الكافي يعرف ذلك من طالعة، والمتأخرين من الأئمة أيضا مختلفون كالهادي، والقاسم، والمؤيد، والإمام يحيى وغيرهم كل له مسائل يستقل بها في ذلك، فترى سائر علماء الإسلام لا يخالفون إجماع أهل البيت في الغالب، والحديث أخذه سلف أهل البيت من طريق حفاظ الحديث بالضرورة كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وقوله: إن الفقيه العلامة محمد بن يحيى بهران آثر "جامع الأصول" على "الانتصار" و"الشفاء" إلى آخره.
أقول: إن الفقيه الحافظ محمد بن يحيى بهران -رحمه الله تعالى- تبع الإنصاف حيث قبل ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما أن "جامع الأصول" شأنه شأن "الانتصار" و"الشفا" فالكل أحاديث نبوية ولكن أحاديث "جامع الأصول" معروفة الطرق والأسانيد لأجل عزو كل حديث إلى مخرجه والمخرج مسند له، بخلاف أحاديث "الانتصار" و"الشفا" فهي وإن كانت أصولها كتب الحديث لكن مجمل الطرق يحتاج العارف في تحصيلها إلى بحث طويل عن أصولها، ولأجل أن أحاديث الكتابين المذكورين قد علم أنها من كتب الحديث منقولة -كما سنبين إن شاء الله تعالى- كان ذلك وجه ترجح الفقيه رحمها لله تعالى ل"جامع الأصول" لقرب معرفة الطرق والأسانيد، فما في هذه من خلة عليه رحمه الله تعالى؛ وبهذا يزول الإشكال في قول القاضي: إن الفرق أن هذا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والآخر يقول: قال البخاري.
صفحة ٨