قيل له: الله المستعان هذا تشكيك في أكثر الشرائع التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنها إنما أخذت عن جملة الصحابة، ونحن نتنزل مع المذكور فنقول: عدل الله تعال جميع المهاجرين والأنصار قبيل هذه الآية حيث قال: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم*وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين } [التوبة:100،101] الآية، على أن تأصيل أن الصحابة عدول قد نص عليه المنصور بالله كما رواه السيد محمد بن عز الدين المفتي في كتابه "منهج الإنصاف" قال: قال المنصور بالله في "صفوة الاختيار" في أصول الفقه ما لفظه: العدالة لا يسأل عنها في ثلاثة قرون: قرن الصحابة، والتابعين، وتابعيهم. انتهى.
ورأيت نسخة من صفوة الاختيار وإذا فيها بياض في حد الصحابة لعل الناسخ أسقط ما ذكره السيد محمد المفتي فيها لما لم يوافق هواه ولله در الشاعر حيث يقول:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فوافق قلبا خاليا فتمكنا
غير أن الإمام المنصور بالله ذكر في موضع آخر، فقال: فاسق التأويل مقبول خبره.
قال: والذي يدل عليه إجماع الصحابة وإجماعهم حجة وذلك أن الفتنة لما وقفت فيهم، وتفرقوا فرقا، وصاروا أحزابا، وانتهى الأمر بينهم إلى القتل والقتال كان بعضهم يروي عن بعض بغير مناكرة بينهم في ذلك بل اعتماد أحدهم على ما يرويه عمن يوافقه كاعتماده على روايته عمن يخالفه وذلك ظاهر فيه إلى آخر كلامه.
صفحة ٤١