ولا شك ولا ريب أن في كتب الحديث على الجملة الصدق الصحيح وفيها الضعيف فما الوجه المجوز لتضعيفها كلها بسبب ضعف بعضها والله يقول في كتابه العزيز: { فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه } [الزمر:32] ثم إن أئمة الزيدية الذين هم القدوة يحتجون بالأحاديث التي رواها أهل التأويل من الثقات كما قرره في "الأزهار" وشرحها وغيرها وما عرفنا عن المشايخ إلا تقرير ذلك، فما عرفت ما مذهب صاحب هذه الرسالة إذ الزيدية يخالفونه وماكان يحس من القاضي الطعن في صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي السنة المنورة والتكذيب للحديث عموما فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كيف وفيها الصحيح بالضرورة والمتواتر والموجود شاهده في القرآن، وما أدري ما هذه الغفلة للقاضي مع أنه كان من أهل المعرفة.
قال: ومن تأصيلهم أن الصحابة كلهم عدول وقد سمعوا قول الله عز وجل فيهم خاصة: { منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة } [آل عمران:152] وقوله: { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم } [التوبة:101] وقوله في المتخلفين: { يريدون أن يبدلوا كلام الله } [الفتح:15] وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (أصحابي أصحابي) حين يؤخذ بهم ذات الشمال.
صفحة ٣٩