قال الوالد شرف الدين رحمه الله تعالى في كتابه "شرح الغاية" ما لفظه: وأما المرسلات التي نجدها في كتب المتأخرين من أصحابنا وغيرهم، فإذا فتشنا عن أسانيدها وجدنا المجروح فيها كثيرا إلا أن يقال: مقبول خبر المجهول ولا قائل به على الإطلاق فإن أبا حنيفة لم يقل بقبوله مطلقا، بل إلى تابع التابعين لقوله - صلى الله عليه وسلم - : :خير القرون قرني..الحديث". انتهى
وقوله: إن في البخاري معلقات.
أقول: تلك المعلقات أسانيدها ظاهرة قد ألحقها حفاظ الحديث في الشروح وغيرها، بل منهم من أفرد لها كتبا مصنفه، وإنما عبر البخاري ومسلم بالصحة عن غيرها بإجماع من يعتد به كونه علم شرطهما وشدة بحثهما وحرصهما على رواية الصحيح مع بيان الأسانيد وترك مالم يصح هذا ظاهره. قال السيد محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه "القواعد" ما لفظه: إن علماء الزيدية من المتأخرين معتمدين على كتاب الإمام أحمد بن سليمان المعروف ب"أصول الأحكام" وقد صرح في خطبته في بعض النسخ أنه نقله من كتب مسموعة ومن كتب غير مسموعة، ثم لم يبين الحديث المسموع من غير المسموع ولم يميز هذا من هذا بعلامة ولا بنسبة كل منهما إلى موضعه، والقارئ فيه لا يحصل له سماع حديث واحد هذا غاية التساهل أن يكون كتاب الزيدية المعتمد في التحليل والتحريم المتداول في أيدي علمائهم وفضلائهم الثابتة عليه خطوطهم بصحة السماع لا يصح فيه سماع حديث واحد، بل كل حديث فيه يحتمل أنه مسموع وأنه غير مسموع.
وأعجب من هذا وأغرب! أن أحدا منهم ما نبه على هذا الإشكال ولا ذكره أبدا ليس ذلك إلا للتساهل في علم الحديث، وهذا الكتاب منقول من "المنتخب" و"الأحكام" وشرح القاضي زيد، وهذه هي المسموعة.
ومن كتاب الطحاوي، وكتاب محمد بن الحسن الشيباني، ومن كتاب المزني صاحب الشافعي، قال عن الشافعي بإسناده الصحيح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومن صحيح البخاري قال: وهذه غير مسموعة صرح بذلك.
صفحة ١٦