عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما أخرج أبوذر الى الربذة (1) أمر عثمان فنودي في الناس الا يكلم أحد أباذر ولا يشيعه ، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، وتحاماه الناس الا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعقيلا أخاه، وحسنا وحسينا (عليهما السلام)، وعمارا فانهم خرجوا معه يشيعونه، فجعل الحسن (عليه السلام) يكلم أباذر، فقال له مروان: إيها يا حسن ألا تعلم ان أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل، فان كنت لا تعلم فاعلم ذلك، فحمل علي (عليه السلام) على مروان فضرب بالسوط بين اذني راحلته وقال: تنح لحاك الله إلى النار.
فرجع مروان مغضبا الى عثمان، فأخبره الخبر، فتلظى على علي (عليه السلام)، ووقف أبوذر فودعه القوم، ومعه ذكوان مولى ام هاني بنت أبي طالب.
قال ذكوان: فحفظت كلام القوم- وكان حافظا- فقال علي (عليه السلام):
يا أباذر انك غضبت لله، أن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى، ونفوك الى الفلا، والله لو كانت السموات والأرض على عبد رتقا، ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا. يا أباذر لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك الا الباطل، ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك.
فتكلم عقيل، فقال: ما عسى أن نقول يا أباذر وأنت تعلم انا نحبك، وأنت تحبنا فاتق الله، فان التقوى نجاة، واصبر فان الصبر كرم، واعلم ان استثقالك الصبر من الجزع واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع.
ثم تكلم الحسن، فقال: يا عماه، لو لا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف لقصر الكلام وان طال الأسف، وقد أتى القوم اليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها،
صفحة ٧٦