ومن جلس مع السلطان زاده الكبر، وقساوة القلب.
ومن جلس مع النساء زاده الله الجهل والشهوة.
ومن جلس مع الصبيان زاده الله اللهو والمزاح ومن جلس مع الفساق زاده الله الجراءة على الذنوب وتسويف التوبة ومن جلس مع الصالحين زاده الله الرغبة في الطاعات ومن جلس مع العلماء زاده الله العلم والورع وقال يحيى بن معاذ: " اجتنب ثلاثة أصناف من الناس: العلماء الغافلين، والفقراء المداهنين، والصوفية الجاهلين ". وقال: " صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الفلاح، وصحبة أهل الفساد تورث فيه الفساد ". جعلنا الله وإياكم والمسلمين ممن وفق لمجالسة الصالحين.
فصل
في التحذير عن صحبة أهل البدع ومجالستهم والسلام عليهم
وأكثر ما يقع الفساد من مخالطة المبتدعين، قال شيخنا ﵀: اعلم أن من أشد الفتنة النظر في اعتقاد أهل البدع المخالفين لاعتقاد هذه الفرقة الناجية فاحذرهم واحذر النظر في عقائدهم وقد ورد في الخبر عن النبي ﷺ أنه قال: " لا يقبل الله لصاحب بدعة صومًا ولا صلاة، ولا صدقة، ولا حجًا ولا عمرة، ولا جهادًا، ولا صرفًا ولا عدلًا. يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين ". قالت عائشة ﵂: قال رسول الله ﷺ: " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ". قال الفضيل بن عياض ﵀: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه. وقال: " نظر المؤمن إلى المؤمن جلاء للقلب، ونظر المؤمن لصاحب البدعة يورث العمى ". وقال: إذا رأيت مبتدعًا في طريق فخذ في طريق آخر. وقال: لا يرفع لصاحب بدعة عمل، ومن أعان صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام. قال سفيان: " من سمع من صاحب بدعة لم ينفعه الله بما سمعه، ومن صافحه فقد نقض عرا الإسلام عروة عروة ".
وقال سفيان: ومن أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة فقد خرج من عصمة الله تعالى. وقال: لا تصلوا خلف من يقول الإيمان بلا عمل ولا خلف من سب أبا بكر وعمر. وقال: إذا بلغكم خبر رجل من أهل السنة فاهده السلام.
قال عبد الصمد بن زيد: سمعت رجلا قال للفضيل: من زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها، ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وإذا علم الله ﷿ من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر له.
قال: فإياك وأهل البدع والأهواء وعليك باتباع أهل الصراط المستقيم قال الله تعالى: (وأن هذا صراطي مْستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وقال ﷺ: " يد الله على الجماعة فإذا شذ شاذ منهم اختطفته الشياطين ". وقال الشافعي ﵁: من أراد أن يفتح قلبه نور العلم فعليه بالخلوة وقلة الأكل وترك مخالطة السفهاء. قال الحافظ الدمياطي: والحذر من مخالطة الظالمين والإعانة لهم وتعظيم أهل البدع ومحبتهم فقد قال النبي ﷺ: " من أهان صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر " وإياك أن تبتسم في وجه ظالم أو توسع له في مجلسه أو تناوله من عطائك. وقال ميمون بن مهران ﵀: صحبة السلطان خطر إن أطعته خاطرت بدينك وإن عصيته خاطرت بنفسك والسلامة أن لا تعرفه ولا يعرفك. وقال القرطبي: قال سفيان الثوري: " من أخذ من ظالم درعًا أو مالًا أو سلاحًا فغزا به في سبيل الله لعن بكل قدم يرفعها ويضعها حتى يرجع ". وإياك ومحبة فاجرٍ أو ظالم أو فاسق أو مبتدع أو تميل إلى أحد منهم أو تَبشَّ في وجهه. قال ﷺ: " لا تجعل لفاجر عندي يدًا فترزقه مني محبة وإياك والركون إلى الظلمة " قال الله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) إياك وحب من لا يستحق المحبة من المخطئين أو تقبل منهم إحسانًا فإنه جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ".
فصل
في صحبة الظّلمة والقرب منهم
1 / 41