وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة بل بدعة مكروهة فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلة أحيانا فإنه كان يقوم الليل وحده، لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه. وليلة أخرى صلى معه حذيفة، وأخرى صلى معه ابن مسعود، وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى معه، وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم. وعامة تطوعاته إنما كان يصليها مفردا وهذا الذي ذكرناه في التطوعات المسنونة.
فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر، وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات المسؤول عنها كصلاة الرغائب في أول جمعة من رجب، والألفية في أول رجب ونصف شعبان، وليلة سبع وعشرين من شهر رجب، وأمثال ذلك.
فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام كما نص على ذلك العلماء المعتبرون، ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع. وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، والله أعلم.
صفحة ٥٠