الصلاة للإمام أحمد

أحمد بن حنبل ت. 241 هجري
225

الصلاة للإمام أحمد

تصانيف

الحديث

(1) هذه مسألة معروفة مشهورة اختلف العلماء فيها على قولين بعد اتفاقهم على أن الحج يجب إتمامه وإحكامه ولو كان تطوعا وكذلك العمرة ، لقوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } ، قال القرطبي رحمه الله تعالى : ( احتج علماؤنا وغيرهم بهذه الآية على أن التحلل من التطوع صلاة كان أو صوما بعد التلبس به لا يجوز ، لأن فيه إبطال العمل وقد نهى الله عنه ، وقال من أجاز ذلك وهو الإمام الشافعي وغيره : المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض ، فنهى الرجل عن إحباط ثوابه ، فأما ما كان نفلا فلا ، لأنه ليس واجبا عليه ، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه ، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع ، والتطوع يقتضي تخييرا ) التفسير 16 / 168 ويؤيد ما ذهب إليه الشافعي ماجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أن أصبح صائما يوما نافلة فدخل على عائشة فقال : ( هل عندكم شيء ؟ فقالوا : أهدي لنا حيس فقال : أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل ) أخرجه مسلم في الصوم ح1154 قال النووي : ( فيه التصريح بالدلالة لمذهب الشافعي وموافقيه في أن صوم النافلة يجوز قطعه والأكل في أثناء النهار ويبطل الصوم لأنه نفل فهو إلى خيرة الإنسان في الابتداء وكذا الدوام ، وممن قال بهذا جماعة من الصحابة وأحمد وإسحاق وآخرون ولكنهم كلهم متفقون على استحباب إتمامه ، وقال أبو حنيفة ومالك لا يجوز قطعه ويأثم بذلك قال ابن عبدالبر : وأجمعوا على أن لا قضاء على من أفطره بعذر ) شرح مسلم 8 / 35 ، وقد جاء في رواية الترمذي ح732 وكذلك عند أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( المتطوع أمير نفسه ) فيحتمل العموم ، وعلى الأقل يدل على أن غير الحج لا يجب إتمامه ، ويؤيده أيضا أنه جاء التمثيل له في صحيح مسلم عن مجاهد قوله : ( إنما ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها ) وجاء في الترمذي والنسائي ح2322 منسوبا إليه - صلى الله عليه وسلم - ، وفي هذا التمثيل ما ينطبق على سائر الأعمال والصلاة منها بلا شك ، وعليه يتبين لك ضعف المذهب الذي اختاره المؤلف هنا ، مع أن المنسوب إليه خلاف هذا الاختيار فلعله تغير اجتهاده رحمه الله تعالى .

صفحة ١٢٧