فإذا حصل العلم كما قدمنا في المسألة الأولى، لم يكن بنا حاجة إلى تعرف أحوال الناقلين كما ذهبت إليه الإمامية وأبو الهذيل وعباد(2) ، في أنه لا يحصل العلم إلا بخبر الإمام، أو خبر جماعة فيهم معصوم، كما ذهب إليه أبو الهذيل وعباد، أو لا بد من جماعة من المؤمنين كما قاله بعضهم.
وإنما قلنا ذلك؛ لأن العلم الذي يحصل عقيب خبر المخبرين لنا حاصل من قبل الله سبحانه لاستحالة أن يكون منهم؛ لأنهم لا يقدرون على إحداث العلم فينا على ما ذلك مقرر في موضعه من أصول الدين، ولا هو من فعلنا؛ لأنه لا يقف على دواعينا واختيارنا، ولا يحصل بحسب قوانا وقدرتنا ودواعينا، وذلك أمارة ما يكون من قبل الله سبحانه، فإذا كان ذلك كذلك وجب علينا اعتبار حال نفوسنا، فإن حصل العلم وجب علينا العمل بمقتضاه، وإن لم يحصل لم يجب شيء من ذلك، ويصير بمثابة ما يعلم بالمشاهدات وبداية العقول، فكما أن الحجة لا تلزمنا إلا بحصول العلم فكذلك في مسألتنا.
مسألة:[الكلام في العدد إذا حصل لنا العلم بخبرهم هل يجب
اطراده أم لا؟]
حكى شيخنا رحمه الله تعالى عن أصحابنا القول بأن كل عدد حصل العلم بخبرهم فإنه يجب اطراده، حتى يحصل بخبر كل عدد مثلهم ويستوي في ذلك القليل والكثير، وكان رحمه الله تعالى يذهب إلى ذلك.
وحكي عن أبي رشيد والصاحب(1): أن ذلك يلزم في العدد الكثير، فأما في القليل فيجوز الإختلاف في ذلك حتى يحصل العلم بخبرخمسة دون خمسة، وهذا الذي نختاره.
صفحة ١٧٣