341

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

تصانيف

جناب الأب الفاضل القمص يوحنا جرجس.

ولد هذا الأب الفاضل في مدينة أسيوط في شهر الحجة سنة 1272ه من والدين تقيين، فوالده هو طبيب الذكر خالد الأثر المرحوم القمص جرجس جاورجي الذي جاء القاهرة مشتغلا بأحد المحلات التجارية، ثم اختير للكهنوت ورسم كاهنا على كنيسة حارة السقايين، فكان في كل حياته مثال التقوى والاستقامة، فأخذ هذا الوالد التقي يغرس نفحاته وتعاليمه الدينية في روح ولده إلى أن شب مثالا صحيحا وقدوة صالحة لاجتياز مراحل هذا العالم بجنان ثابت، وإيمان لا يتزعزع، واستقامة ترضي الخالق والمخلوق، فأدخله والده مدرسة حارة السقايين القبطية، التي كان ناظرها وقتئذ المرحوم العالم الجليل نخلة رفيله بك، فكان بين أترابه التلامذة مثال الوداعة والجد والنشاط، وبعد أن أكمل دروسه منها اشتغل بورشة اليومية بقلم إدارة وزارة المالية في 29 برمهات سنة 1588، وكان عمره إذ ذاك ست عشرة سنة ونصف سنة، ومكث في تلك الوظيفة سنة ونصف سنة، وعين بعد ذلك في مخازن وشون ملكية تتبع وزارة المالية، ومكث بها 12 سنة، ودعي أخيرا للاشتغال ضمن موظفي دائرة سمو المرحوم حسن باشا، فمكث بها سنتين، أي: لغاية نوفمبر سنة 1884م، ومن ثم اشتغل في التجارة لنفسه وفتح محلا لبيع الغلال بساحل بولاق ومحلا آخر في بلدة النخيلة التابعة لمركز أبو تيج بمديرية أسيوط، وظل يشتغل مدة ثلاث سنوات ونصف؛ ونظرا لحسن استقامته وطهارة ذمته وصلاحه، أخذ جبرا وقهرا للقسوسية ورسم يوم 21 بئونة سنة 1604 بالدار البطريريكية، وفي اليوم الثاني تم رسمه في كنيسة حارة زويله على دير مارمينا بفم الخليج، ومكث به لغاية 17 أمشير سنة 1609، حيث اختير للإسكندرية ورسم أيغومانسا لكنيستها ثم تعين وكيلا لبطريكخانتها حتى الآن.

وقد طبع صاحب الترجمة كتابا أسماه اللؤلؤة البهية في التراتيل والتواريخ القبطية باشتراكه مع صهره حضرة جبران أفندي نعمة الله الإسكندري، ناظر المدرسة المرقسية سابقا وصاحب سلسلة كتب البدر المنير المستعملة في المدارس المصرية.

وحضرة صاحب الترجمة محبوب لدى عموم أقباط الثغر محترم الجانب لدى الجميع؛ نظرا لحسن معاملته وجمال أخلاقه ووداعته.

صفاته وأخلاقه

على جانب عظيم من اللطف ودماثة الأخلاق، ولين الجانب، عطوف على الفقراء محسن على البؤساء، يصرف جل وقته معتكفا في تقديم الصلوات للعزة الإلهية.

أدام الله حياته المباركة وأكثر من أمثاله بين رجال الكهنوت لخير البلاد وفائدة العباد.

ترجمة فقيد الجد والإقدام الإيغومانس تادرس مينا

كلمة وجيزة للمؤرخ

أعمال خالدة، ومآثر غراء، وخدم جليلة، وجد وإقدام، وصلاح وتقوى، وحزم وجرأة، هذا هو مجمل حياة الفقيد الراحل، وتلك مجهوداته في الحياة الدنيا إلى أن لقي ربه، وهو قرير العين مطمئن الخاطر ليجازي منه جزاء البررة الأطهار الذين جاهدوا جهاد الأبطال في سبيل الإصلاح، وأبلوا بلاءا حسنا يذكره التاريخ لهم بقلم الفخر والإعجاب، لا سيما ما كان عليه هذا الفقيد العزيز من الغيرة على الدين والجرأة في الحق، والإقدام على صعاب الأمور وعدم الإعباء بما سيكون من المشاكل وراء ذلك، وهذه كما لا يخفى صفات جليلة، وخصال فريدة، قل أن تتوفر في كثيرين ممن وهبوا نعمة الذكاء والفطنة.

صفحة غير معروفة