وأجابها (وهذا ما أسماه تمنعا): أبدا يا سامية، ولكني أريد فقط أن تري كل شيء في وضوح ... أنت في حدود العشرين، وأنا في الخامسة والأربعين ... هل يسعدك مثل هذا الحب ... أتعرفين ماذا تعني الخامسة والأربعون؟ - ماذا تعني؟
تعني أني ... بالنسبة لك صفقة خاسرة ... أنت الآن في نضارة صباك ... أنت تنهبين ظهر الأرض وثبا وعدوا ... وأنا الآن أخطو في حذر، لا أقول إني عاجز عن السير، لكنني لا أستطيع العدو، ماذا تفعلين بي لو أني لهثت في الطريق؟
وقالت ضاحكة : ومن قال لك إني سأعدو؟ سأطير في مثل خطواتك ... إني أوثر السير البطيء من الآن ...
وصمت فترة، ثم قال: سامية ... سأكسب أنا كل شيء: صبا ونضارة وشبابا ... ولن تكسبي أنت شيئا ... مجرد رجل على أبواب الكهولة. - سأكسب رجلا كامل الرجولة.
وكان هذا غاية تمنعه ... رضي غروره بهذا الوصف الرائع ... رجل كامل الرجولة ...
ولنتركه الآن يقص بقية قصته ... إننا الآن بعد ذلك اليوم بعام ... لقد هدأ كل شيء، ونزل الستار ... هدأت أعصابه، وخفت حدة طبعه، إنه يروي الآن بقية القصة كأنه فيها طرف ثالث لا يعنيه الأمر. - أجل، لقد أرضاني هذا الوصف ... إنه ليس جديدا ... ما الذي يمنع أن تكون سامية التي نضج جسمها مبكرا قد نضجت أيضا عقليا بنفس النسبة ... ... ما الذي يمنع أن يكون عقلها قد أفرط في النضوج.
ولم لا؟ أليست تتحدث إلي بأسلوب امرأة ناضجة؟
كل الفرق بيننا هو شعراتي البيض ... ومع ذلك فهي تحب الشعر الأبيض، لقد وجدت في الأيام التي تلت ذلك اليوم مصداق ما قالته لي، فقد أفاضت علي من حبها، ماذا أقول؟ ... ما دفع في جسدي دماء الشباب، وجدتني إرضاء لها أحيا حياة شاب في مقتبل العمر ... أرتاد دور السينما، وأشغف بأناقة ملابسي، وأعنى بمظهري، وأتلقى دروسا في الرقصات الجديدة، وأحسست بميلها للرياضة، ففاجأتها ذات يوم بتذكرتي العضوية في ناديين من أهم أندية القاهرة الرياضية.
وما كان أسعد ذلك اليوم الذي وقفت فيه أبادلها الكرة على ملعب التنس، خيل إلي أني شاب، وأن الشباب ليس سوى قوة إرادة وعزيمة ...
وانصرفت سامية إلى الرياضة، وأحبتها حتى إنها كانت تقضي أغلب أوقاتها في النادي تلعب التنس معي طورا، ومع صديقنا الشاب المهذب حمدي، وكان حمدي مهذبا فعلا ... ورياضيا فعلا، وكان أحد ثلاثة يعلق عليهم النادي الرياضي أمله في الفوز ببطولة هامة، وكأس تذكارية.
صفحة غير معروفة