زوال كل سيطرة بريطانية على الحكومة المصرية، ولا سيما في العلاقات الخارجية التي ادعى زغلول باشا أنها تعرقل بالمذكرة التي أرسلتها الحكومة البريطانية إلى الدول الأجنبية في 15 مارس سنة 1922 قائلة: إن الحكومة البريطانية تعد كل سعي من دولة أخرى للتدخل في شئون مصر عملا غير ودي.
رابعا:
عدول الحكومة البريطانية عن دعواها حماية الأجانب والأقليات في مصر.
خامسا:
عدول الحكومة البريطانية عن دعواها الاشتراك بأية طريقة كانت في حماية قناة السويس.
أما في شأن السودان فإنني ألفت النظر إلى بعض البيانات التي فاه بها زغلول باشا باعتباره رئيس مجلس الوزراء أمام البرلمان المصري في الصيف في 17 مايو، ويؤخذ مما علمته في هذا الصدد أن زغلول باشا قال: «إن وجود قيادة الجيش المصري العامة في يد ضابط أجنبي وإبقاء ضباط بريطانيين في هذا الجيش لا يتفق مع كرامة مصر المستقلة.» فإبداء مثل هذا الشعور في بيانات رسمية من رئيس الحكومة المصرية المسئول لم يقتصر على وضع السردار السر لي ستاك باشا في مركز صعب، بل وضع جميع الضباط البريطانيين الملحقين بالجيش المصري أيضا في هذا المركز.
ولم يفتني أيضا أنه قد نقل لي أن زغلول باشا ادعى لمصر في شهر يونيو الماضي حقوق ملكية السودان العامة، ووصف الحكومة البريطانية بأنها غاصبة. «فلما حادثت زغلول باشا في ذلك قال لي إن الأقوال السابقة التي قالها لم يكن مرددا فيها صدى رأي البرلمان المصري فقط، بل رأي الأمة المصرية أيضا ...»
وبعد العودة من المفاوضات أوشكت مدة المستشار القضائي أن تنتهي فرفض سعد إبقاء هذه الوظيفة، وأبى تجديد العقد لمن كان يشغلها، وكان ذلك في الثاني عشر من شهر نوفمبر لذلك العام؛ لأنه لم يذهب إلى المفاوضة ليكون كل ما كسبه منها أن يعود متطوعا لتنفيذ السياسة الإنجليزية، قابعا من قضيته بطلبات لا تجاب.
لا جرم صدق سعد أننا مستقلون وعمل بما صدق! لكننا نسأل هل كان في وسعه ألا يصدق؟ وهل كان ينفعه عند الإنجليز - فضلا عن المصريين - أن يمثل الدور على وجهين؟
إن الكثيرين ليفهمون أنه لم يفعل بمسلكه هذا في الوزارة إلا ما ينبغي لزعيم ينادي بقضية وطنية، ولكنهم لو نظروا إلى الموقف من جميع جوانبه لفهموا كذلك أنه فعل ما ينبغي للسياسي اللبق الذي يلمس الواقع ويحذر العواقب، ولا يفرط في شيء قل أو كثر من أجل «لا شيء».
صفحة غير معروفة