أحكام الاضطباع والرمل في الطواف
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
ذلك: أن اضطباع النبي ﷺ ورمله إنما كان في طوافه الأول، طواف القدوم. ولم يثبت أنه ﷺ اضطبع ورمل في طواف بعده. فصح أن يُقال: باختصاص الاضطباع والرمل فيه. وصح أن يُقال أيضًا: إن اضطباعه ﷺ ورمله إنما كان في طواف أعقبه سعي. وكان الدليل صريحًا في المسألة لو ثبت أنه ﷺ أخّر السعي عن طواف القدوم ١.
لم يبق بعد ذلك للفريق الثاني إلا الحجتان العقليتان، وهما:
إن التابع لا ينبغي أن يكون أكمل من المتبوع ٢. وإثبات سنة وعبادة بمثل هذه الحجة الضعيفة غير سديد، إذ الأصل في العبادات الحظر والمنع.
قياس قضائهما عند تركهما على سنن الصلاة. وهو قياس لا يصح، لأن من تركهما في الثلاثة الأول، لا يقضيهما في الأربعة الأخر اتفاقًا، ومن ترك الجهر في صلاة الفجر، لا يقضيه في صلاة الظهر ٣.
يؤكد هذا ويعضده ما سيأتي من ترجيح عدم مشروعية الاضطباع والرمل للمكي، إذ لم يثبت أنه ﷺ أمر أحدًا من أهل مكة بهما في طواف الإفاضة،
_________
١ إلا ما يرد على الحنفية من أن القارن يسعى مرة ثانية، وهم يقولون بأنه ﷺ كان قارنًا، ولم يثبت أنه ﷺ رمل في طواف الإفاضة، بل الثابت أنه لم يرمل فيه. فقد روى البيهقي ٥/٨٤ عن ابن عباس ﵃: " أن النبي ﷺ لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه " وقال عطاء: لا رمل فيه.
٢ قال ابن قدامة في معرض الرد على هذه الحجة ومناقشتها: “إن المتبوع لا تتغير هيئته تبعًا لِتَبَعِه، ولو كانا متلازمين، لكان ترك الرمل في السعي تبعًا لعدمه في الطواف أولى من الرمل في الطواف تبعًا للسعي”. المغني ٥/٢٢١.
٣ انظر: الشرح الكبير ٩/١٠٣، ١٠٤. وقال: “لا يقتضي القياس أن يقضي هيئة عبادة في عبادة أخرى”.
1 / 278