============================================================
والنقصان ، وذلك مثل القضاه والقدر ، محصول قوله : ان القضاء لايقال علي السابق ، فانه يعد القدر ، وان القدر لا يقال علي التالي ، لانه قيل القضاء ، فان القدر هو التقدير ، والقضاء هو التفصيل ، وانه مادام الشيء في التقدير يمكن ان يزداد ، وينقص ، ويوسع ، فاذا فصل وقضي فلا يمكن الزيادة فيه ، ولا النقصان منه .
قال صاحب التصرة : ليس القضاء هو التفصيل ، لانه ليس حال عين التفصيل في القضاء باقل من حال المتفصل ، ولان عين المنفصل ثباته علي هيتته بقضاء يوجب ذلك ، كما ان المنفصل ايضا اتما ثبت بما قضي له ، واما القدر فهو التقدير علي ما ذكره ، لكنه لايكون تقدير الا بقضاء يوجب ذلك التقدير ، فاما الشواهد التي استشهد بها من كتاب الله تعالي بان القضاء هو الفراغ ، فغير مدقوع وذلك لان الحكماء قالوا : ان الله تعالي لما ابدع العقل فرغ من العالمين ، لانه بموع صور العالمين ، ولم يقرب من صور العالمين عن العقل شيء ، فهو الفراغ المحض ، الا ان صاحب الاصلاح قد اساء بتشبيهه القضاء والقدر بالثوب الذي يقدره الخياط، وحيث جعل تقديره مثل القدر ، وتفصيله مثل القضاء ، ولا يستقيم هذا التشبيه ، وكان الواجب عليه ان يجعل صورة الخياطة التي في نفس الخياط مثل القضاء ، لانه روحاني ، والتقدير الذي يقدره الخياط بتلك الخياطة مثل القدر علي ما مثله ، وهو ايضا شيء روحاني ، لم خرج بعد الي حد العقل ، فهذا معني صورة الاصلين ، ثم التفصيل الذي يفصله بعد التقدير علي الحدود الجسمانية الستي ظهرت من الاول والثاني ، واذا كان الأمر علي ما وصفنا ، فان القضاء قبل القدر، وكما ان الخياطة قبل التقدير وبتلك الخياطة تهيأ للخياط التقدير كما يقدره، فقد صح ان القضاء علي السابق ، والقدر علي التالي ، ومحصول قوله : ان 154
صفحة ١٥٦