رسالة التوحيد

محمد عبده ت. 1323 هجري
12

رسالة التوحيد

الناشر

دار الكتاب العربي

ذَلِك فنزغات شياطين وشهوات سلاطين وَالْقُرْآن شَاهد على كل بِعَمَلِهِ قَاض عَلَيْهِ فِي صَوَابه وخطله الْغَايَة من هَذَا الْعلم الْقيام بغرض مجمع عَلَيْهِ وَهُوَ معرفَة الله تَعَالَى بصفاته الْوَاجِب ثُبُوتهَا لَهُ مَعَ تنزيهه عَمَّا يَسْتَحِيل اتصافه بِهِ والتصديق برسله على وَجه الْيَقِين الذى تطمئِن بِهِ النَّفس اعْتِمَادًا على الدَّلِيل لَا استرسالا مَعَ التَّقْلِيد حَسْبَمَا أرشدنا إِلَيْهِ الْكتاب فقد أَمر بِالنّظرِ وَاسْتِعْمَال الْعقل فِيمَا بَين أَيْدِينَا من ظواهر الْكَوْن وَمَا يُمكن النّفُوذ إِلَيْهِ من دقائقه تحصيلا لليقين بِمَا هدَانَا إِلَيْهِ ونهانا عَن التَّقْلِيد بِمَا حكى عَن أَحْوَال الْأُمَم فِي الْأَخْذ بِمَا عَلَيْهِ آباؤهم وتبشيع مَا كَانُوا عَلَيْهِ من ذَلِك واستتباعه لهدم معتقداتهم وإمحاء وجودهم الملى وَحقّ مَا قَالَ فَإِن التَّقْلِيد كَمَا يكون فِي الْحق يأتى فِي الْبَاطِل وكما يكون فِي النافع يحصل فِي الضار فَهُوَ مضلة يعْذر فِيهَا الْحَيَوَان وَلَا تجمل بِحَال الْإِنْسَان أَقسَام الْمَعْلُوم يقسمون الْمَعْلُوم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام مُمكن لذاته وواجب لذاته ومستحيل لذاته ويعرفون المستحيل بِمَا عَدمه لذاته من حَيْثُ هِيَ أما الْوَاجِب فَهُوَ مَا كَانَ يُوجد لموجد ويعدم لعدم سَبَب وجوده وَقد يعرض لَهُ الْوُجُوب والاستحالة لغيره وَإِطْلَاق الْمَعْلُوم على المستحيل ضرب من الْمجَاز فَإِن الْمَعْلُوم حَقِيقَة لَا بُد أَن يكون لَهُ كَون فِي الْوَاقِع ينطبق عَلَيْهِ الْعلم والمستحيل لَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل كَمَا ترَاهُ فِي أَحْكَامه وَإِنَّمَا المُرَاد مَا يُمكن الحكم عَلَيْهِ وَإِن كَانَ فِي صُورَة يخترعها لَهُ الْعقل ليتوصل بهَا إِلَى الْحِكَايَة عَنهُ حكم المستحيل وَحكم المستحيل لذاته أَن لَا يطْرَأ عَلَيْهِ وجود فَإِن الْعَدَم من لَوَازِم ماهيته من حَيْثُ هى فَلَو طَرَأَ الْوُجُود عَلَيْهِ لسلب لَازم الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ

1 / 14