وسألونا، فأحببت أن أسأل (¬1) عنه المسلمين، وأعرف قولهم فيه. فظن أبو عبيدة أن ذلك الكلام قد رضيت به وأراه عدلا، فغضب علي وشتمني (¬2) وطردني، وإنما كنت سائلا متفقها، ولم أشعر أن المسلمين يكرهون المنطق فيه والمراجعة. فأدركني يا أبا مودود (¬3) ».
فأرسل حاجب الربيع بن حبيب فقال: «قل له: إن سهل بن صالح (¬4) أتاني يبكي، ويذكر أنك سخطت عليه وطردته، في كلام سألك عنه، وأنه أخبرني أنه ليس مما يرضى (¬5) به، وإنما جاء سائلا متفقها، وأنه ليس بالذي يعود إلى ذكر شيء منه، فاقبل منه رحمك الله» (¬6) .
فكف عنه، ولم يزل في ذلك حتى ذهبا جميعا، فسكت عن ذلك المنطق، وأميت ذكره، فلم يسمع أحد من المسلمين يذكره، حتى توفي أشياخ المسلمين (¬7) وذهبوا -عليهم السلام-.
[إظهار شعيب وصاحباه لبدعهم]
¬__________
(¬1) - في الأصل: "أسئل"، وهو خطأ.
(¬2) - الشتم هنا لا يعني به السب، وإنما يريد به التأنيب والزجر، فليس المسلم بسباب ولا لعان، وكيف ممن هو في مستوى أبي عبيدة من الورع والتقوى والعلم.
(¬3) - في الأصل: "يا با مودود"، والصواب ما أثبتنا.
(¬4) - هو سهل بن صالح (ط. الربيع) (انظر ملحق 1).
(¬5) - في الأصل : "يرضا"، وهو خطأ.
(¬6) - تشبه هذه الواقعة ما ذكره الدرجيني في طبقاته، إذ دخل على أبي عبيدة سهل وعبد الله بن رزيق، وجماعة من الفتيان، يسألونه في رجل بعزبة< دعا مجوسيا إلى الإسلام، فراددوه الكلام فطردهم، فأتوا حاجبا، فركب إليه وتابوا على يد الربيع وعبد السلام بن عبد القدوس.
... ... انظر: *الدرجيني: طبقات المشايخ، ج2/ص242 *الشماخي: كتاب السير، ج1/ص80، 97.
(¬7) - طبقة جابر بن زيد كضمام بن السائب، وأبو بلال مرداس بن حدير، وعبد الله بن إباض، وصحار العبدي، وأبو نوح صالح الدهان... وغيرهم. وأغلب طبقة أبي عبيدة.
صفحة ١٥