الرقة والبكاء لابن قدامة

ابن قدامة المقدسي ت. 620 هجري
73

الرقة والبكاء لابن قدامة

محقق

محمد خير رمضان يوسف

الناشر

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

بيروت

رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ذَاكَ أَخِي وَخَلِيلِي وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ، ذَاكَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَأَنَا نَبِيٌّ مِثْلُهُ، بَعَثَنِي لِلَّهِ بِالْحَقِّ» . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يَحْقِرُ أَحَدًا يَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَدَّاسٌ خَرَّ سَاجِدًا، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ عُتْبَةُ وَشَيِبَةُ، ضَحِكَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، وَقَالا: غُلامُنَا قَدْ فَسَدَ، وَنَادَيَاهُ، فَجَاءَهُمَا، فَقَالا: لِمَ صَنَعْتَ بِهَذَا الرَّجُلِ مَا لَمْ تَصْنَعْ بِأَحَدٍ مِنَّا قَطُّ؟ قَبَّلْتَ قَدَمَيْهِ، وَسَجَدْتَ لَهُ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، هَذَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، أَخْبَرَنِي عَنْ قَوْمِي أَهْلِ نِينَوَى، وَعَنْ نَبِيِّهِمْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لِيُخْبِرَنِي بِهِ فِي هَذِهِ الأَرْضِ إِلا نَبِيٌّ. فَضَحِكَا، وَقَالا: لا يَخْدَعَنَّكَ عَنْ دِينِكَ، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالسُّفَهَاءِ، وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرِيدُ قَتْلَهُ. قَالَ لَهُمَا: لا تَسْتَطِيعَانِ قَتْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَأَطِيعَانِي، وَأَجِيبَاهُ إِلَى مَا دَعَاكُمَا إِلَيْهِ، فَزَجَرَاهُ زَجْرًا شَدِيدًا " قَالَ الأُمَوِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَاللَّهِ، مَا أَرَى عِنْدَكَ وَلا عِنْدَ بَنِي أَبِيكَ مَنَعَةً، فَهَلْ أَنْتَ خَارِجٌ بِي إِلَى الْمَوْسِمِ فَتُعَرِّفُنِي قَبَائِلَ الْعَرَبِ؟»، قَالَ: فَرَكِبْتُ بِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ الْمَوْسِمَ، قَالَ: فَبَدَأَ بِهَذَا الْحَيِّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَعُونَةَ. قَالَ: «مَنِ الْقَوْمُ؟»، قَالُوا: كِنْدَةَ، قَالَ: «فَهَلْ لَكُمْ فِي خَيْرٍ؟»، قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «تَشْهَدُونَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»، فَقَالُوا: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ»، قَالُوا: لا حَاجَةَ لَنَا بِمَا جِئْتَنَا بِهِ، بَدَأْتَ بِنَا لِتَصُدَّنَا عَنْ آلِهَتِنَا وَنُنَابِذُ النَّاسَ عَلَى سَوَاءٍ وَتَرْمِينَا الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ؟ فَالْحَقْ بِقَوْمِكَ فَلا حَاجَةَ لَنَا بِمَا جِئْتَنَا بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ، فَلَحِقَ بِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَيَأْتِي بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: «كَيْفَ الْعَدَدُ؟»، قَالُوا: مِثْلُ الْحَصَى، قَالَ: «كَيْفَ الْمَنَعَةُ؟»، قَالُوا: لا نَمْنَعُ بَطْنَ

1 / 115