الرقة والبكاء لابن قدامة

ابن قدامة المقدسي ت. 620 هجري
25

الرقة والبكاء لابن قدامة

محقق

محمد خير رمضان يوسف

الناشر

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

بيروت

اجْعَلْنِي تُرْبَةً مِنْ تُرَبِكَ، أَوْ صَخْرَةً مِنْ صَخْرِكَ، أَوْ شَيْئًا مِمَّا فِي جَوْفِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الرَّمْلِ أَنْ أَجِيبِيهِ. فَقَالَتْ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الْهَارِبُ مِنَ الطَّالِبِ الَّذِي لا يَنْأَى طَلَبُهُ، ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ، فَاجْعَلْ عَمَلَكَ قِسْمَيْنِ: لِرَغْبَةٍ أَوْ لِرَهْبَةٍ، فَعَلَى أَيِّهِمَا أَخَذَكَ رَبُّكَ لَمْ تُبَالِ " ! ١٦٩ أخبرنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيِّ، أخبرنا الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ، أنبانا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دُوَسْت، أخبرنا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا الصَّنْعَانِيُّونَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ ﵇ الْخَطِيئَةَ، جَعَلَ يَخْرُجُ إِلَى الْبَرَارِي، فَيَبْكِي، وَتَبْكِي الْوُحُوشُ مَعَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَبْكِي وَيَبْكُونَ مَعَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَبْكِي وَيَبْكُونَ مَعَهُ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لا يَرْجِعُ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ، خَرَّ سَاجِدًا، فَبَكَى حَتَّى نَبَتَ الْبَقْلُ مِنْ دُمُوعِهِ، ثُمَّ نَحَبَ فَهَاجَ الْعُودُ وَاحْتَرَقَ مِنْ زَفِيرِهِ، فَنُودِيَ: يَا دَاوُدُ، أَمَظْلُومٌ فتُنْصَرُ؟ أَعَارٍ فَتُكْسَى؟ أَظَمْآنٌ فَتُسْقَى؟ أَجَائِعٌ فَتُطْعَمُ؟ قَالَ: لا، أَوْبَقَتْنِي خَطِيئَتِي، فَلْم يَرْجِعْ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَجَعَلَ يَئِنُّ فِي سُجُودِهِ عِنْدَ آخِرِ بُكَائِهِ، ثُمَّ انْقَطَعَ صَوْتُهُ، فَكَانَ لا يُسْمَعُ إِلا شِبْهُ الأَنِينِ الْخَفِيِّ، فَعِنْدَ ذَلِكَ رُحِمَ "

1 / 67