الرقة والبكاء لابن قدامة
محقق
محمد خير رمضان يوسف
الناشر
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
بيروت
شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
! ١٦٨ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: " كَانَ دَاوُدُ ﵇ يُسَمِّي النُّوَّحَ فِي الْكِتَابِ، وَإِنَّهُ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الْبَحْرَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْبَحْرُ، إِنِّي هَارِبٌ إِلَى رَبِّي، فَارٌّ مِنَ الطَّالِبِ الَّذِي لا يَنْأَى طَلَبُهُ، فَاجْعَلْنِي قَطْرَةً مِنْ مَائِكَ، أَوْ دَابَّةً مِمَّا فِيكَ، أَوْ تُرْبَةً مِنْ تُرَبِكَ، أَوْ صَخْرَةً مِنْ صَخْرِكَ.
فَقَالَ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الْهَارِبُ الْفَارُّ مِنَ الطَّالِبِ الَّذِي لا يَنْأَى طَلَبُهُ، ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنِّي إِلا بَارِزٌ يَنْظُرُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، قَدْ أَحْصَاهُ وَعَدَّهُ عَدًّا، فَلَسْتُ أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الْجَبَلَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْجَبَلُ، إِنِّي هَارِبٌ فَارٌّ مِنَ الطَّالِبِ الَّذِي لا يَنْأَى طَلَبُهُ، اجْعَلْنِي حَجَرًا مِنْ حِجَارَتِكَ، أَوْ تُرْبَةً مِنْ تُرَبِكَ، أَوْ صَخْرَةً مِنْ صَخْرِكَ، أَوْ شَيْئًا مِمَّا فِي جَوْفِكَ.
فَقَالَ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الْفَارُّ مِنَ الطَّالِبِ الَّذِي لا يَنْأَى طَلَبُهُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنِّي شَيْءٌ إِلا يَرَاهُ اللَّهُ ﷿ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِ، قَدْ أَحْصَاهُ وَعَدَّه عَدًّا، فَلَسْتُ أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الأَرْضَ يَعْنِي الرَّمْلَ، فَقَالَ لَهَا: أَيُّهَا الرَّمْلُ،
1 / 66