فى علم الحساب والفراسة والتخطيط ، حتى إن أعيان مصر يعتقدون أنهم أهلهم ، وأن جميع حوائجهم ولوازمهم منهم ، إنهم قوم يتقنون الحساب ، فهم يحسبون كل (دانق) ينفق ، ويقيدون ، ولا وجود لهم إلا فى ديار مصر ، ويقول هؤلاء القوم إن الملك قبطم (نبى)، وأما الآن فهم على دين المسيح عليه السلام ، وهم قوم مدققون كثيرا فى أكلهم وشربهم ، ويقولون فى جميع الأوقات نحن قبط.
وتقول تواريخ الصابئة إن سيدنا هود ولد فى عهد قبطم بمدينة (ثمود)، ومن عهد آدم إلى عهد قبطم كان الناس يتكلمون بالعبرية ، ولكون قبطم متضلعا فى شتى العلوم شاعت فى عهده لغات مختلفة ، وقد ألهم الله قبطم الفصاحة فى اللغة القبطية ، وظل قبطم ملكا لمدة أربعمائة وثمانين عاما ، وأدركه الموت ودفن فى جبل الهرمين إلى جانب أبيه مصرايم ، ثم ملك بعده أخوه (اشمون)، واشمونين مدينتان وهو بانيهما ، وأشمون فى العبرية بمعنى ملك له صفة الثور حامل الأرض ولهذا السبب كانت الثيران غاية فى الكثرة بتلك المدينة ، ومن المشهور بين عرب مصر أن الإنسان الأبله يشبه بثور أشمون ، ويجرى هذا مجرى المثل ، إلا أن هذه المدينة ليست عامرة ، وفى وقتنا هذا قراها عامرة ، ومات أشمون ، فملك أخوه اتريب ، ومات كذلك ، وخلفه صاى وبينما كان يصيد فى بلاد الفونجة قتله فيل ، وقد كان ملكا غاية فى النجدة والبسالة ، وهو الذى شيد مدينة صاى الحالية (1) وقلعتها على حدود مصر وبلاد الفونجة ، وأفضى الملك من بعده إلى تدارس بن صاى ، وولد صالح عليه السلام فى عهد تدارس هذا ، ومات وتولى بعده ابنه ماليق ، إلا أنه لم يعمر إلا مائتى سنة ، ولم يعقب فكان الملك لأخيه (خربتا) بن قبطيم ، وانقضى عمره.
فكان الملك لولده (كلكن)، ولم يعقب كذلك ، فخلفه فى الملك أخوه (ملباية) بن خربتا وقد شيد فى بلاد النوبة كثيرا من المدن ، ولما فارق الدنيا أصبح ابنه طوطيس ملكا وكان طاغية جبارا.
صفحة ٥٣