الجنة)، وبينما كان مصرايم فى طريقه من غزة إلى مصر ظهرت على يمنة طريقه آثار كثير من الأبنية ، وعندما هدم بخت نصر مصر انهدمت كذلك مدينة درسان.
ومن الملوك الذين ملكوا مصر بعد ذلك يوسف صلاح الدين ، والسلطان قايتباى ، ولقد أقاما جامعا وقلاعا من أحجار ورخام درسان ، وعمرا مصر ، وابن مصرايم بانى هذه المدينة مدفون فى قبر عالى القبة ، قبته تمس الفلك علوا ، وقد تخربت هذه المدينة ، أما سبب عمران هذه القبة فهو أن جميع القبط يزورونها ويعمرونها ويرممونها واسمه قبطم بن بيطار بن حام بن نوح عليه السلام ، أما مصرايم فقد عمر سبعمائة عام وبذل الجهد فى إعمار مصر كأنها صرح شامخ ، وكان له مائتان من الولد وكثرت لأولاده ولإخوتهم الثلاثين الذرية ، حتى أصبح إقليم مصر بحرا من بنى آدم ، وكانوا جميعا على دين جدهم نوح عليه السلام ، وأولاد مصرايم هذا استقل كل منهم بحكم إقليم وبعد أن عاش مصرايم سبعمائة عام وقع تحت حكم قوله تعالى : ( ارجعي إلى ربك ) الفجر : 28 ، ودفن مصرايم مع أبيه بيطار فى الهرمين إلى جانب سوريد بانيهما قبل الطوفان ، وفى ذلك العهد كان يزور الهرمين عوام الناس وخواصهم لأن الملوك قاطبة كانوا يدفنون فيها ، كما كانوا إلى عهد إبراهيم عليه السلام يطوفون حولها كالطواف حول الكعبة ، ولكن أصبح الملك من بعد فى مدينة درسان لقبطم ، وهو من أم قبطية ، وفى درسان التى أقامها أبوه مصرايم بدأ يعبد الله تحت الشجرة التى ولد فى ظلها ، وبدأت عبادة الشجرة بقبطم ، وقد ارتد عن دين جده نوح ، ووقعت الفرقة بين إخوته وعمومته الثلاثين ، وابتدع كل منهم له مذهبا ، وأخذ ابن مصرايم له مذهبه عن قبطم ، وذاعت له الشهرة وأصبح ملكا عظيما ، وجميع القبط من نسله ، وبقيت تواريخ القبط منه ، ومن نسل إدريس عالم أحاط بكل العلوم وكتب تواريخ القبط (فليس لتواريخ القبط أصل ونشأة ، لأنه بعد هبوط آدم وبفضل إدريس انتشر علم الكتابة وعلم الحساب وعلم النجوم ، وقد تيسرت تلك العلوم لقوم القبابطة ، إنهم لا يشبهون قوما آخرين ، والآن (1) فى مصر كل أرباب الدولة فى حاجة إليهم ، فليس لهم من نظير
صفحة ٥٢