نحو ألفي خنزير تساوي دراهم كثيرة ، وإذن سيدنا عيسى عليه السلام في إفنائها وتلفها ، وأن أربابها يخسرون قيمتها لأجل الخنازير كانت عنده حراما ، ولو كانت من المواشي المباحة لم يأذن سيدنا عيسى عليه السلام للجنون بالدخول فيها لإفسادها وهلاكها. فأخذ القضاة في الكلام والتدبير في الجواب ، ثم قالوا : لم تبلغ هذا العدد الذي ذكرته ، قلت : هذا الذي قرأته ، فأحضر الإنجيل ، فوجدوه كذلك. وقد ذكر هذه المسألة في موضعين في الإنجيل ، في الفصل الخامس عشر لمرقش ، وهو الذي قال : كانوا نحن ألفين. ثم أنهم أخذوا في الكلام ، ولم يجدوا ما يجاوبوا به ، وكان قد مضى من الليل نحو نصفه ، فانصرفت إلى منزلي ، وبعثوا معي خدامهم ورأيتهم فارحين شاكرين لي ، ولم يسمعوا مني إلا ما ذكرت ، وكل ذلك عكس دينهم.
وأصبحت يوما آخر ومشيت إلى القاضي ، وأعطاني المواجب وما أخذ مني شيئا من الدراهم فيها ، ثم أبصرتني المرأة التي كانت معنا للكلام ، ورعت أن لا يراها أحد وأعطتني دراهم ذهبا ليس بالقليل ، وذلك من فضل الله والجهاد على الدين ، وبركة يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم . ومما ذكر لي أبرت أن بلدا يسمى شاندينشي (88) على بعد ستة أميال من بريش في دار عظيمة للمتراهبين ، ذخاير وتيجان للملوك ، وغير ذلك للسلاطين الماضيين ، والأساكفة ، ومن جملتها كأس بلور كبير مكتوب بالعربية ، والحروف مرسومة مصنوعة في وسط الكأس ، وأنه كان سيدنا سليمان بن داوود نبي الله عليهما السلام ، قلت له : أحب أرى ذلك ، وسرنا وبلغنا إلى الدار وكان فيها أناس جاءوا من بلادهم لرؤية الذخاير ، وصعدنا جميعا إلى بيت مرتفع ، وجاء رجل وفتح الخزانة التي كانت فيها الذخاير ، وأخذ تاجا من ذهب وتكلم عليه وقال : هذا تاج السلطان الفلاني ، ثم قبض آخر من التيجان ، وذكر من كان ، وبقي كذلك يأخذ تاجا بعد تاج وهي بالأحجار المثبتة والضيمنت (89)، والياقوت النفيسة. ثم أخذ كأسا بلور على طول ذراع الإنسان ، وموضع قبضه في الوسط أو أنزل منه ، حزام مكتوب بالعربية ، بخط مثل الكوفي ، منقوشة فيه وقبضته بيدي ، وقرأت في
صفحة ٦٩