* [ذكر باجه]
ثم وصلنا إلى مدينة باجة (1)، وهي مدينة جرعها الدهر أجاجه (2)؛ قد هتكتها الأيدي العادية ؛ وفتكت فيها الخطوب المتمادية ، حتى صارت وهي حاضرة بادية ؛ فخشوعها لائح وضراعتها بادية ؛ وقد حدثت بها أن أهلها لا يفارقون السور خوفا من العربان ، وأنهم يستعدون لدفن الجنائز كما يستعد (3) ليوم الضراب والطعان. ولم نقم (4) بها إلا ظل نهار ، فلم أختبر لذلك حالها حقيقة الاختبار.
* [لقاؤه لأبي علي الطبلي]
وما رأيت بها من له إلى العلم انتماء ، أو لهمته نحو المعارف ارتماء (5) ، سوى الأديب النحوي أبي علي حسين بن محمد الطبلي ؛ بالطاء والباء الساكنة بواحدة ؛ وهو رجل له مقول منقاد ، وذهن مشتعل وقاد ، حسن الخلق مقبول الصورة ، ولكن همته فيما رأيت على علم العربية مقصورة ، وقد جمع أكثر مؤلفاتها ، واحتفل في تحصيل مصنفاتها ، فاجتمع له من (6) ذلك ما دل على نبله ، وأعانه على تسديد نبله ؛ سألته عن نسبته المتقدمة فقال لي : هو لقب جرى علينا قديما واشتهرنا به. وقد قرأت عليه بعض كتاب «المقرب» (7) في
صفحة ١٠٥