ووقت رمي الجمار (1) بعد يوم النحر إذا زالت (2) الشمس إلى الاصفرار ، وقيل إلى الغروب ، وما بعد الوقت إلى آخر أيام منى وقت قضاء يلزم فيه (3) الدم على المشهور ، فإذا مضت أيام منى فلا قضاء ، ويلزم الدم وفاقا. قال مالك : «من ترك حصاة واحدة فعليه دم ، ومن ترك جمرة أو الجمرات كلها فبدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة» (4).
واختلف في أصل رمي الجمار ، فقيل : إن إبراهيم عليه السلام عارضه إبليس هنالك (5) حين أراد ذبح ولده ، فرماه في المواضع الثلاثة. وقيل : إنما عارضه وجبريل يريه المناسك فأمر برميه. وقيل : إنما رمى هنالك الكبش الذي فدى به إسماعيل ، لأنه اتبعه ليأخذه ، فأخرجه هنالك ورماه بالحصى عند كل جمرة ، فصار سنة ، وروى الدار قطني عن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه : قلنا : «يا رسول الله : هذه الجمار يرمى بها في كل عام تحسب أنها تنقص ، قال : إنما هو ما تقبل منها يرفع ، ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال» (6).
والمبيت بمنى في ليالي منى سنة يجب الدم بتركها اختيارا (7)، وكان عمر رضياللهعنه يبعث رجالا يدخلون الناس من وراء العقبة (8)، ومن تعجل من منى فلينصرف بإثر الرمي ، فإن بقي حتى غابت الشمس لم يجز له
صفحة ٤٠٧