============================================================
بضميري، وجعلته آساس ديني، وبنيت عليه أعمالي، وتقلبت فيه بأحوالي، وسألت الله عز وجل أن يوزعني شكر ما أنعم به علي، وأن يقويني على القيام بحدود ما عرفني به، مع معرفتي بتقصيري في ذلك، وأني لا أدرك شكره أبدا" .
ونقول كذلك: إن الإمام المحاسبي لم يصل إلى هذا القرار إلا بعد بحث وتدقيق ودراسة عميقة للإنسان بوجه عام، وللعلماء من بني الانسان بوجه خاص استمع إليه يقول (1) : اثم رأيت الناس أصنافا ، فمنهم العالم بأمر الآخرة، لقاؤه عسير، ووجوده عزيز، ومنهم الجاهل، فالبعد عنه غنيمة، ومنهم المتشبه بالعلماء، مشغوف بدنياه، مؤثر ها، ومنهم حامل علم، منسوب إلى الدين ، ملتمس بعلمه التعظيم والعلو، ينال بالدين من عرض الدنيا، ومنهم حامل علم لا يعلم تأويل ما حمل، ومنهم متشبه بالنساك، متحر للخير، لا غناء عنده، ولا نفاذ لعلمه، ولا معتمد على رايه ، ومنهم منسوب إلى العقل والدهاء، مفقود الورع والتقوى، ومنهم متوادون، على الهواء واقفون، وللدنيا يذلون، ورياستها يطلبون، ومنهم شياطين الانس، عن الآخرة يصدون، وعلى الدنيا يتكالبون، وإلى جمعها يهرعون، وفي الاستكثار منها يرغبون، فهم في الدنيا أحياء، وفي العرف موقى، بل العرف عندهم منكر" .
على أن الامام المحاسبي لم يقتصر في دراسته مجتمعه على طوائف العلماء وطلاب العلم وحدهم، بل إنه درس طبقات التجار والمحاربين والقراء وغيرهم، واودع ملاحظاته القيمة في كتاب "المكاسب" ، وكتاب "آداب النفوس" ، وكتاب "الوصايا" .
وخلص من كل دراسته وملاحظاته إلى النتائج التالية: 1 - لا خير في الخلاف، ولا نجاة فيما فيه خلاف.
(1) الوصايا 28.
14
صفحة ١٣