قال: وإذا اختلف الصنفان من هذه اللحمان الثلاثة، جاز الفضل فيما بينهما، لا بأس بلحم الحيتان بلحم ذوات الأربع من الأنعام، والوحش مثلا بمثل ومتفاضلا. وقد حدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع الحيوان باللحم)) وتفسير ذلك عند أهل العلم؛ أنه الحيوان الذي يؤكل لحمه، لا يجوز أن يباع بلحم ما هو من صنفه من اللحمان، لا يباع شيء من لحوم ذوات الأربع إنسيها ووحشيها بحي منها، وإن اختلفت أسماؤها، لا تباع شاة مذبوحة بحية، ولا ثور حي بشاة مذبوحة، ولا شياه أحياء بثور جزير، ولا بحمل جزير، ولا بوحشي قد صيد وذكي أو حي لم يدرك؛ لأنه مما لا يقتنى، ولا حياة له عند الناس إلا حياة ليست فيها قنية، فهو كما لو قد ذبح؛ لأنه لا يعد إلا لحما، فلا يجوز بيعه وإن كان حيا بحي مما يقتنى من ذوات الأربع؛ لأنه اللحم بالحيوان، وكذلك ما انكسر من ذوات الأربع، مثل الثور ينكسر أو الجمل والشاة والشارف من ذلك كله الذي لا منفعة فيه إلا اللحم، فإنه لا يباع بشيء من ذلك بحي يقتنى من ذوات الأربع؛ لأنه اللحم بالحيوان، فأما الشاة يريد الرجل ذبحها مثل الحقاق الكريمة، أو البقرة الغزيرة، فيقال له دعها وخذ هذه الشاة أو هذه البقرة مكانها، فلا بأس بذلك، لأن كلتاهما حيتان.
قال: ولا خير فيما لا يقتنى ولا يعدله حياة، أن يباع بعضها ببعض إلا على التحري أن يكون لحمه سواء إذا ذبح؛ لأنه لا يعد كله إلا لحما، وقد خفف ذلك بعض العلماء، ورآه كغيره مما يقتنى، والأول أحب إلي.
قال: ولا يجوز أن يباع ما لا يقتنى بلحم من صنفه، وإن كان الذي لا يقتنى لا يعد إلا لحما، لجملة النهي عن بيع الحيوان باللحم، فلا تميز فيما يقتنى وما لا يقتنى.
صفحة ٩٨